مدونة حكايات فريدة

صفعة2



لم يكن رد فعلي إزاء هذا الاكتشاف رد فعل زوجة .. كان رد فعل صديقة .. في البداية كانت الزوجة داخلي مصدومة و مهزوزة لكن الصديقة التي طالما أحبت حسن حبا حقيقيا و احتواها حسن احتواء لم و لن تجده عند غيره... تلك الصديقة آزرتني و وقفت بجانب حسن في هدوء .. عاملته بالحب .. لا بالغضب.. و تفاهمت معه بروح التفهم و لم أنظر له بعين الانتقاد و تكلمت معه بعقل و من أجل حبنا و زواجنا عبرنا تلك الأزمة و أقلع حسن عن شرب الخمر نهائيا لم يحدث هذا في سلاسة ولا بين ليلة وضحاها... لزمنا الأمر عام ونصف من الشد و الجذب .. تشاجرنا و تفاهمنا لكن حبنا كان أقوى من كل شيء
قد تظنني سيدي مبالغة في ما أصف لكني صادقة و حيادية .. و اعتقد أن أحد نعم الله علي في هذا الوقت كان عدم وجود أطفال في حياتنا .. كان هذا عاملا مساعدا لي .. فلم تضغط علي مشاعر الأمومة كي أكون أقل صبرا مع حسن أو أكثر خوفا من الغد .. كان الأمر واضحا .. الحكاية .. أنا و هو و حبنا و زواجنا .. إما أن ننجو أو نفشل و يرحل كل منا في طريق بخسائره لكن عندها يكفيني شرف المحاولة .. و لقد نجحنا في اجتياز تلك المرحلة
و لم تقلل تلك الحادثة من احترامي ل " حسن " أو حبي له .. التمست له الأعذار و أنا أدرى الناس بشخصيته و نقاط ضعفه و حرمانه من الحنان صغيرا و اضطراب شخصيته
و لم يشعر حسن أبدا أني أنظر له بعين النقد أو قللت تلك الكبوة من احترامي له شيئا و هذا ساعدنا كثيرا على أن تمر تلك المرحلة بسلام .. لأن صداقتنا و التي كانت السر وراء قوة حبنا ظلت كما هي دون اهتزاز
أو ليست هذه هي إحدى أسس الصداقة!! .. أن تتقبل صديقك كما هو و ألا يقلل شيء من حبك له أو احترامك له كي يظل كل منكما صادق مع الآخر.. متجرد أمامه من ستر الإدعاء فلو أننا قلقنا إزاء انتقاد الصديق لنا لتجملنا معه و حِــدنا عن الصدق و كيف تكون عندها صداقة و هي في اسمها و معناها مشتقة من الصدق!!..ه
هل كنت مخطئة .. بتقبلي المبالغ فيه لحسن بعيوبه و هفواته؟؟.. هل كنت ألتمس لنفسي و له كل المبررات التي تساعد حبنا على البقاء و تعين علاقتنا على الصمود؟؟
ربما.. لكن سيدي كان معي عذري فلو وصفت لك مقدار العطاء الذي أغدقه علي حسن بدوره و مقدار الحب الذي لون هو به حياتي كل يوم بلون جديد و مبهج و ممتع.. لعذرتني .. كانت مبادئه تناقض عقلي و أفعاله تأسر قلبي.. كنت سعيدة معه سعادة جعلتني أتقبله كما هو و بقدر ما كان عقلي يخبرني أن إدمانه للخمر مؤشر خطير . و بقدر ما كانت المرأة المسلمة بداخلي ترفض هذا بقدر ما كانت المرأة العاشقة له تحاول أن تتفهم و تنظر للأمور بمنظوره هو و كنت أردد عليه أنه شخص ناجح و عظيم و أن الخمر قد تدمر هذا النجاح و تهدم تلك العظمة و أن ما أنجزه في الحياة حتى الآن يستحق الفخر و المضي قدما لا الانتكاس و التقهقر
و مضت تلك المرحلة بخيرها و شرها و قررنا بعد عام آخر انه قد آن أوان الإنجاب و لأسباب عدة .. عدنا إلى مصر .. لكن بظروف مادية مستقرة و علاقة أقوى مما سبق و جنين بين أحشائي كنت سعيدة للغاية به
عدنا و وفقه الله في مصر لعمل جيد بينما أنا لم أنوي العمل نظرا لظروف الحمل.. نسيت أن أخبرك أني كنت أعمل في الكويت مما ساعد على تحسن أوضاعنا ماليا رغم قصر الوقت الذي قضيناه هناك نسبيا
في ذلك الوقت كانت لوحة حياتنا تكاد تبدو كاملة و تفاصيلها و ألوانها تميل أكثر للبهجة و الخطوط الرمادية في اللوحة تضفي عمقا و تتوارى في الخلف
و أنجبت ابنتي الأولى لتضيف على تلك اللوحة تفاصيل أكثر تبهجه و حميمية
ثم و دون قصد منا حملت بابني و بدت حياتنا في تلك الفترة أقل ابتهاجا و أكثر ضغطا لأن الحياة في مصر سيدي حياة صعبة .. ماديا و نفسيا و اجتماعيا
و بالنسبة لي كنت قد بدأت فقد أعصابي كأم لأثنين و كربة منزل و أنا التي اعتادت أن تعمل و تجد سعادتها في العمل و في تلك المرحلة في حياتنا كنت أنا غير مستقرة نفسيا و خصوصا عندما تبين لنا أن ابننا غير طبيعي في ردود أفعاله و تبين لنا إصابته بالمرض الذي لم نعرفه قبل إصابة ابننا به و هو مرض التوحد
رغم محاولاتي للتماسك إلا أن هذا الابتلاء أثر علي بشكل كبير ... و صرت أكثر عصبية و أقل ابتهاجا من ذي قبل .. و ما زاد من اكتئابي انشغال حسن الزائد عنا بالعمل و شعرت أنه بعيد عني لا فقط بالعمل و لكن بالروح و التواصل.. و قد لفت نظره لهذا فكانت تبريراته المتكررة هي العمل و السعي الدائم وراء توفير حياة أكثر استقرارا لنا
في خضم هذا وجد حسن عمل بالسعودية و رغم معرفتنا كم هي بلد منغلقة و صعب العيش فيها إلا إنه اتخذ قرارا بالسفر لاحتياجنا له ماديا
و لم أستطع أنا أن ألحق به لظروف ابني و لبحثي أولا عن المكان الذي قد يوفر له الخدمة الطبية المتميزة
ووجدت ضالتي في مركز متخصص لعلاج التوحد بدبي و بدأت مساعينا للبحث عن عمل ل " حسن " بدبي يضمن لنا استقرار المعيشة هناك
و استجاب الله لصلواتي و صادف فتح فرع جديد للشركة التي يعمل بها حسن في دبي .. و بتوفيق من الله و كثير من السعي و المحاولات وافقوا على نقله لفرع دبي
و ذهبنا إلى هناك بعد غيابه عنا قرابة العامين قضى منها عام ونصف بالسعودية بينما نحن بمصر وحدنا
و في تلك الفترة التي سبقني هو فيها إلى هناك حدث كل شيء
كل الشروخ التي كانت تحت السطح غير ظاهره .. و كصدع ينتظر أول حمل زائد كي يظهر و يبدأ في الانهيار ..كان هذا هو حال علاقتنا
شيء ما تغير في حسن خلال هذين العامين... و عندما لحقت به وجدت شخصا آخر .. شخص دائم الانتقاد لي .. دائم الاستخفاف بكلامي أو شكواي أو حتى أرائي .. في وقت ما و دون أن أدري تغيرت نظرة زوجي لي... في وقت كنت بأمس الحاجة إلى مساندته لي و مراعاته لمشاعري
كان حسن مثله مثل الكثير من الناس ينتقد هذا أو ذاك أو يقيم وضع ما مخالفا لآرائه تقييما سلبيا .. عكسي أنا التي لم تشغل أبدا بتقييم الناس و انتقادهم و كنت التمس لكل شخص عذره
فإذا بي أنا التي لم تنتقد زوجها أبدا و احترمته حتى في أحلك لحظات ضعفه و عند اقترابه من السقوط.. إذ بي أنا أصير تلك المرأة التي ينتقدها زوجها طوال الوقت و يراها قد تغيرت و لم تعد هي المرأة التي أحبها و تزوجها و تحولت لزوجة بيت نكده و مهمومة طوال الوقت .. و تطالبه بما لا يتحمله هو
كانت تلك الصفعة التي وجهها لي زوجي سيدي
صفعة رجت كياني و صدمتني
لأنه لم يوجه فقط تلك الاتهامات لي في عقله ثم صرح ببعضها و لكنه أيضا بدأ بالابتعاد عني بناءا على ما رآه في من تغير
لقد تغيرت نظرته لي ثم تغيرت مشاعره نحوي و قد كان هذا فوق احتمالي
لم أنكر أنا تغيري و أجبته مره في إحدى شجاراتنا الكبيرة أن تغيري هذا مرحلة أمر بها نتيجة للظروف الصعبة التي وضعني القدر بها.. مرض ابني لم يكن باختياري و كوني ربة منزل يائسة الآن هو أمر لم أخطط له .. أما هو عندما أدمن الخمر يوما للهرب و المتعة و غير هذا طباعه ووضعه و حوله لشخص آخر غير الذي أحببته و تزوجته و كان هذا إلى حد كبير باختياره لم أحاسبه أنا و لم تتغير نظرتي نحوه و بالتالي ظلت مشاعري تجاهه ثابتة
فأي ظلم هذا و أي صفعة تلك!!!!؟
في تلك الأيام سيدي .. تذكرت كلمات أبي رحمه الله .. و أدركت أن هناك خلل ما قد حدث .. و أن صورتي التي اهتزت بنظر زوجي على حد تعبيره لم تهتز فقط لأن الظروف أنزلت الغبار عليها و لكن لأنه أيضا زوجي قد تحرك من مكانه و صار يراها الآن بمنظور مختلف و قد كان يجب لي أن أعرف متى تحرك زوجي و إلى أين
و كما يقول المثل " فتش عن المرأة" .. فتشت أنا ووجدت المرأة الأخرى التي تحرك زوجي باتجاهها مخلفا صورتي ورائه و عندما التفت لي ثانية رآني بشكل مختلف... و اكتشافي لتلك المرأة سيدي كان الصفعة الأخرى
.....
يـــٌـــتــــــبـــع

8 comments

حسن ارابيسك said...

العزيزة فريدة
وحشني واللهي كل كتاباتك الرئعة
وأعتذر عن غيابي القهري
قرأت بالطبع الجزء الأول من الصفعة والجزء الثاني ورغم تكرار تلك القصة بين بعض المتزوجون في أحداث قد تتشابه معظمها وإن إختلفت الأماكن والظروف إلا أنني شدني هنا وجعلني متابعاً لها بشغف وقراءتها بتأني هو الوقوف على تفكير الزوجة هنا في شكل المعضلة والتي قد تواجه كثيرات من تغيرات تدريجية أو مفاجئة وقد تختلف المواقف تبعاً للظروف وتبعاً للثقافة وتبعاً لقوة العلاقة والمشاعر
لذلك أنتظر التالي من المعالجة الحياتية لهذا الموقف وكذلك المعالجة الكتابية لها بما أعرفه عنك من كاتبه مميزة وقديرة
تحياتي
حسن أرابيسك

يا مراكبي said...

أنا كنت في الكويت وبعدين دلوقت في السعودية وبأروح دبي كتير .. اللي على رآسه بطحة

:-)

بجد الحلقتين الأولى والثانية ممتعين وخصوصا إن الحلقة دي فيها إثارة أكبر .. في إنتظار باقي الحلقات بشغف

الفقيرة إلى الله أم البنات said...

فريده
لماذا كل جزء اجد انى اعرف شئ منه
مرض التوحد هذا أخذ منى اوقات طويله فابنتى الحبيبه شُخص تأخرها على إنه توحد وعذاب التشخيص الخاطئ اصعب من المرض نفسه
وبعد معاناة طويله.تبين تأخر نتيجة ولاده مبكرة
ولكن دعك من ابنتى
هناك بعض الرجال لا يقبلون ان يكون لديهم اطفال معاقيين
ويهربوا من البيت
وعندها تظهر طوق النجاة حيه بلا قلب ..وهل هناك حيه ب قلب

اتابع

شــــمـس الديـن said...

اتابعك يا عزيزتي :)
يروقني جدا اسلوبك المبدع فعلا بانتظار التكملة

Amira said...

حسن أرابيسك

تعليقك هذا و بالذات أسعدني لدرحة لا يمكن أن أصفها لك
لأنه و إن لم تكن قد لاحظت هو أول تعليق على القصة بجزئيها و بعد فتره من نشرها

و لأول مرة تقريبا أكتب حكاية و يظل رابط التعليق مصمما على
0 comment
زيــــرو

و لأول مره اعرف أهمية التعليق فأنا لم أكن أتطلع للمدح قدر ما شعرت بغرابة الوضع و أخذت هذا كعلامة على رداءة مستوى القصه

ربما تكون القصه مكرره و يكون هذا جعلها مملة للبعض

مش عارفه
على أي حال تعليقك جه في وقته ووالله لو كنت كتبت لي القصه مش عاجباني
كنت برضه حنبسط المهم ماشوفش زيرو كومنت دي على الجزئين

:)

تحياتي لك وشكرا

Amira said...

المراكبي
شكلي كده حبعت للمدام بتاعتك إيميل يا باشمهندس

ماهو لازم الستات تنور على بعض

:)

تحياتي لك و أشكرك

Amira said...

أم البنات

عافى الله إبنتك وحفظهن كلهن لك بخير

الولادة المبكرة ينتج عنها أضرار كثيرة
و خصوصا إن كان الطفل قد ولد

premature

أتمنى لبناتك السلامة و تحياتي القلبيه و شكري

Amira said...

شمس الدين

أشكرك
و إشتقت إليكي
:)

Professional Blog Designs by pipdig