مدونة حكايات فريدة

صفعة3


لا أعرف متى بدأ الشك .. لكنني أذكر أني في يوم من الأيام و عندما سنحت لي الفرصة  جلست بالساعات أفتش في اللاب توب الخاص بزوجي و أحاول تخمين كلمة السر الخاصة ببريده الإلكتروني .. كنت أعرف ذاكرته الضعيفة و كنت واثقة أن كلمة السر ستكون شيء خاص به لكي لا ينساه و قد كان ....كان تاريخ ميلاد ابننا ... و رغم أني كنت أفتش .. مما يعني أني كنت أشك به .. إلا أني مثلي مثل أي امرأة تبحث عن الحقيقة الوحيدة التي تتمنى من قلبها بل و تصلي كي تكتشف أنها وهما .. لذا عندما  وجدت ما كنت أبحث عنه صٌدمت رغم أن الصدمة هي آخر شعور يجب أن أشعره و أنا أفتش عن شيء كنت أتوقعه .. لكني صٌدمت 
فمقدار الحب الذي كان  بيننا قديما و الأحلام الجميلة التي تشاركنا بها و كل ما مررنا به من عِشرة كان كل هذا كأنه وثيقة ضمان وهمية لي بأن حبنا سيستمر للأبد .. لن أستطيع أن اصف لك مقدار القهر الذي شعرت به و أنا أقرأ كلماته لها و مغازلته و أرى الصور التي أرسلتها هي له ... كدت أفقد أعصابي و أهب من مكاني لأوقظه في غضب بل و أضربه و أشتمه غير عابئة بمرضه و أدوية البرد التي أنمته قتيلا .. كدت ساعتها أتمنى لو أقتله فعلا أو يموت و هو نائم .. كانت مشاعري و أفكاري مضطربة و متنوعة لكني آثرت الصمت حتى أعرف تحديدا من هي ؟ و أين هي و أكملت القراءة باحثة عما أريد
و كي لا أطيل عليك سيدي .. فإن تلك المرأة كانت متزوجه !!! و هو ما أثار دهشتي و اشمئزازي... هي طبيبة .. علمت في ما بعد أنه قابلها في مصر .. كانت عيادتها مقابلة لمكتب الشركة التي يعمل بها .. و أن علاقتهما قديمة و ليست كما تصورت قريبة العهد فلقد ظل على علاقة بها طوال السبع سنوات الماضية .. أعتقد أن علاقتهما في البدء كانت صداقة ثم تطورت بعد مرض ابني .. أي منذ ما يقرب من الخمس سنوات .. ابننا ..الذي يكتب زوجي كل مرة تاريخ ميلاده ككلمة مرور كي يخون أمه
!!!!!!!
و كان يجب أن أواجهه لأعرف على أي أرض أقف .. وواجهته لأسمع منه نفس الصفعات .. عذرا الكلمات التي سمعتها منه مرارا .. عن تغيري .. عن شخصيتي التي تبدلت مع الأيام و عن قلبه الذي توقف عن حبي ... إلى آخره من الصفعات التي لم تفقدني توازني .. و رددت عليه كل حججه عله يفيق ... و ذكرته بالابتلاء الذي مررنا و مازلنا نمر به من مرض ابننا و كيف كان هو غير متحمل للمسئولية .. و كيف هرب مني طوال الوقت بأنانية لم أتوقعها منه و تركني وحدي أذهب بابننا للأطباء و أباشر تعليماتهم و كم التمست له العذر كي أصبر نفسي متوهمة آن بعده يرجع لعدم مقدرته على مواجهة الأمر نظرا لحبه الشديد للولد فكم كان يتمنى ولدا ذكر يحمل اسمه و يكون صديقه عندما يكبر ... كم التمست له الأعذار كعادتي و كما هو طبعي و كم كان هو  كعادته أيضا دائم الانتقاد لي دائم المهاجمة
أنا التي تقبلته بكل لحظات ضعفه .. و ذكرته بما كان من أمرنا أيام إدمانه
قلت سيدي كل ما قلت و لم يغير قولي شيئا
لقد أتت اللحظة التي حذرني إياها والدي .. و في تلك اللحظة أبصرت كل ما كنت أراه من قبل لكني لم أظن انه .. سيهدم حياتي
رأيت حسن الطفل الصغير الذي تربى بين بيوت عدة و لم تعطه والدته الحب الكافي فظل طوال عمره فاقد شيء ما لا يستطيع عطاؤه و بحث عنه في ظلال حب امرأة تكبره في السن كما عرفت عن عشيقته
رأيت حسن الصبي الذي كان أهل والده دائمي الانتقاد له لأنه يشبه أمه في هذا أو ذاك .. فكان انتقاده و ترفعه و سخريته من الآخرين
هم الدروع التي يصد بها عن نفسه و يحمي ذاته الناقصة من التعري أمام عين نقد الآخرين
رأيت حسن الشاب و الرجل غير المتدين .. الذي لا يؤمن بأي رادع ديني و لا يلتزم بأي قيد أخلاقي .. رجل كهذا لن يرى في الزنا خطيئة بل سيسميه حبا و لن يرى في هجره لنا جناية و سيطلق عليها تحرر من أكذوبة أن تعيش مع امرأة توقفت عن حبها
رأيت سيدي الكثير مما أعرف و مما أبصرت قبلا و تقبلته
لكن عندما أتى الموقف الذي حذرني منه والدي يوما و حدث مالم أبصره رغم وضوحه .. لم أستطع كما قال والدي رحمة الله عليه أن أتفهم و لا أعذر و لا أتقبل .. كفاني تقبلا و تفهما
و انفصلنا يا سيدي .. و كلي مرارة و حسرة فآخر ما كنت أتمنى لابني أن يكبرا بين أبوين مطلقين .. فكم كنت أتمنى أن أهبهما ما وهبني إياه والداي من استقرار و دفء و محبة
لكني سيدي لم أندم على قرار الانفصال رغم نصح بعض من حولي لي بالتروي
فلقد كنت أترك رجلا يصرح لي بأنه توقف عن حبي ووقع في حب أخرى .. لا رجل ضبطته يخونني و اعتذر لي مقسما أنها نزوة
و ما أكد للآخرين صدق حكمي .. أنه و بعد انفصالنا بأقل من عام  .. كانت عشيقته قد طلقت  و تزوجا .. ارتبط بمن هي كفء له فهي في النهاية امرأة أنانية تركت بيتها و هجرت أولادها من أجر رجل يصغرها عمرا
و لقد حكى لي البعض عن محاولة ابنتها الكبرى المراهقة للانتحار بعد صدمتها في والدتها و من شدة وقع كلام الناس عنهم
و رغم كل شيء شعرت بالحزن من أجل تلك الفتاه التي لم أرها و دعوت الله أن يحفظ لي أولادي و ألا يؤثر فيهما الانفصال بالسلب كما أثر في والدهما انفصال أبويه
و أنا أحاول الآن سيدي أن أمضي تاركة قصتي ورائي و كل همي ابني الذي تحيرني حالته و تثير عندي كل يوم تساؤل مرير عن مستقبله
و أكثر شخص أفتقده يا سيدي هو والدي رحمة الله عليه ... فهو السند الحقيقي لي في تلك الحياة .. أعرف انه لو كان عايش لكان هذا هون علي الكثير لكن عزائي أنه مات قبل أن يتحسر علي
فلقد قالها لي يوما وصدق
الزواج اختيار مهم .. لو كان خاطئ ممكن يكلفنا حياتنا كلها
تــــــــــمــــــــت


.............

10 comments

candy said...

خوفتينى !

فاتيما said...

آخر جملة هى عين الحقيقة
يا فريدة
الحياة تفسد و لا تعود
لتستقيم مرة أخرى مهما الواحد حاول
بيلاقى إنه لو حاول يصلح
من ناحية فقد يفسد ناحية أخرى
و يبقى الوضع جامداً كحل نهائى وحيد بسبب خطأ يصعب تصحيحه
صفعتك هذه المرة مدوية
و مش عارفة ليه حاسة
إنها جت على وشى
تصورى !!

Anonymous said...

العزيزة فريدة
-------------

لا ادرى على وجه التحديد أكانت حقيقية او من بنات افكارك

لكن يعجبنى اسلوبك جدا جدا .. ولغتك الرصينة

نعود للموقف .. فانا لا ارى نهاية العالم مهما بدت خطورة الوضع

تستطيعى ان تبدائى حياة جديدة .. وربما وجدتى من هو احن مما تتخيلى .. اعرف الكثيرين

لكن الحذر عند الاختيار

كل تمياتى لك بالخير والسعادة

koko said...

الحياه مانتهتش .. ولا بتقف عند انسان .. الموقف صعب و قاسى للغايه بس هيعدى بعد شويه وقت يمكن يكون كتير شويه .. احنا مش كاملين علشان نختار صح فى كل حاجه بنعملها .. الجهل و الضعف بيتدخلوا كتير فى اختياراتنا .. ربنا موجود

sabry abo-omar said...

عزيزتى كلما قرات لك ومعك يبهرنى اسلوبك وعمق احساسك أدام الله عليكى بلاغتك وموهبتك

فى صفعتك أرى ان رجلنا هنا قد يكون هو بطل قصتك السابقة (لقطة) ولاننسى أن للحقيقة وجوه كثيرة

يا مراكبي said...

في آخر جملة: قل الزواج .. ولا تقل الجواز

:-)

قرأت الثلاثة أجزاء معا الآن .. القصة بأجزائها كلها جاءت في صورة رسالة أرسلتها سيدة ما إلى بريد القراء في جريدة أو مجلة

ربما كان هذا الأسلوب غير معتاد في القصص والروايات كثيرا .. لكنه كان مناسبا للأحداث هنا إلى حد كبير

ربما كانت النهاية لا تحمل مفاجأة بل جاءت عادية ومنطقية وهو على عكس ما كنت أتوقعه أنا

عنوان القصة جاء معبرا للغاية .. وقد إختصرتيه في جملة النهاية .. وقد قرأت قريبا إحدى الكلمات التي تقول أن على المرء أن يدقق الإختيار عند زواجه بشده .. وذلك لأن 90% من سعادته أو تعاسته في الدنيا سوف تتوقف على ذلم الإختيار

Amira said...

candy
مكنش قصدي
ربنا يستر
:)

..................

فاتيما
بعد الشر عن وشك من أي صفعات

الإختيار الخاطيء يفسد الحياة و هذا رأيته كثيرا في الواقع

و قطعا تلمسين أنتي هذا المعنى بقوة

تحياتي

Amira said...

sherif

كلا هي قصة خيالية قصيرة

سعيدة أن أعجبك الإسلوب و تحياتي لك و شكرا

............
koko

ما قلتيه هو ما يتمنى كل متلقي صفعة سماعه
تحياتي

Amira said...

abo omar el masry

نظرة تخيلية مفاجئة بالنسبة لي
قد تنظر للأمر من تلك الزاوية و لو أنهما بطلان مختلفان

تحياتي لك و شكري للمتابعة و الربط

Amira said...

المراكبي

أشكرك للتصحيح لكن الجملة كانت حديث بينها و بين والدها كتبته في البداية باللغة المبسطة لا الفصحى و أعدت تذكرها للجملة باللغه المبسطة ذاتها

لكن تعليقك في محله
كان من الأفضل تغييرها

إعذرني لكون الخاتمه خيبت توقعاتك
و أشكرك لمتابعتي و تشجيعي
و تحياتي لك

Professional Blog Designs by pipdig