مدونة حكايات فريدة

محاسبة ليلى أولا


قالت لي صديقة عزيزة مرة في إحدى حوارتنا
أنه يجب أن يجرى إختبارات لأي رجل أو امرأة مقبلين على الإنجاب لتبين إن كانا قادرين على تحمل مسئولية الطفل أم لا ؟؟ و إن كانا مدركين تمام الإدراك لما هما مقبلين عليه
 صديقتي تلك ... مرت بتجربة صعبة منذ كانت طفلة نتيجة لإنفصال أبويها .. و إفتقادها للأم منذ كانت صغيرة و معيشتها حياة أقرب لليتم رغم وجود أمها على قيد الحياة ... لا لشيء إلا لأنانية أمها و عدم إتزانها نفسيا
ثم معاناتها لسنوات طوال مع والدها .. الرجل الشرقي الذي لا تؤهله تربيته و لا مجتمعه للتخلص من أنانيته التي تربى عليها سنوات طوال ...  فإن كان من الصعب في الأساس أن يحاكي الرجل العادي مشاعر الأمومة
فإنه من الأصعب للرجل الشرقي الذي لا يدرك  بأنانيته المكتسبة مشاعر الأبوة الحقة أن يكون الأم و الأب في نفس الوقت
على العكس بمجتمعنا الشرقي تجد الأم هي العماد الأساسي للبيت و يظل الرجل  هو مصدر الدخل ... و تظل الحلقة مفرغة من التربية الغير سليمة و الأباء و الأمهات الغير سويين

    في بلد مثل بلدنا .. و هو بلد إسلامي .. يعتنق أغلب أهله ديانة يخصص كتابها آيات كاملة لشرح حقوق النساء و الأطفال و اليتامى .. و النفقة .. و يحذر فيها الله الرجال الذين يتهاونون في حقوق النساء و الأطفال و اليتامى.. الغريب أنك تجد في بلد مثل هذا .. كل ماهو مثير للحسرة في قصص قضايا الأحوال الشخصية من نساء و أطفال يبحثن عند الرجال على العدالة الإنسانيه .. و رجال قمة في الأنانية لا يؤرق ضميرهن شيء إذا ما عاقبوا أطفالهم جراء إنفصالهم عن امهاتهم و خلافاتهم معهن

و بغض النظر عن الضرر المادي الذي يقع على هؤلاء الأطفال فإن الضرر النفسي و المعنوي أشد وقعا .. و خطرا ... و هو ما يشكل الخطورة الحقيقية في مجتمعنا

الأسرة هي النواة الرئيسية في المجتمع و ليلى التي نطالب جميعا بإصلاح أحوالها .. لن ينصلح حالها إلا بإنصلاح حال الأسرة

الأسرة المصرية تسير من سيء لأسوأ

  لجأت النساء في العهود السابقة للمقاتلة من أجل إخراج ليلى إلى العلم و العمل .. كي يحررنها من سيطرة الرجل الماديه عليها و يقللن من خضوعها له نتيجة لهذا السبب
هذا الخضوع الذي ترتب عليه تمادي الرجل في ظلمه و تردي الأحوال..
و تحققت معظم آمال النساء في العهود السابقة

و أنا هنا قبل أن احلم بمزيد من الآمال .... أود لو أتوقف برهة لأحاسب ليلى اليوم
ليلى التي تعلمت و عملت و سافرت ووصلت لكثير مما طمحت له
لماذا خرج نتاج تلك الليلى جيل به إرتفاع لنسبة الطلاق أو عدم إتزان الأسرة و فساد المجتمع

هل خرجت ليلى إلى نور التحرر بجسدها .. لكن ظل عقلها على حاله في ظلامه ... فظلت تربي الذكر و تفرق بينه و بين الأنثى .. بفكر أمها و جدتها؟؟

هل فشلت ليلى في إستيعاب ثقافتها الدينيه بطريقة صحيحة .. تنفض عن كاهلها عبء الموروثات القديمة الخاطئة؟؟

هل كان تعليم ليلى غير كافيا لتثقيفها .. لا عيبا فيها و لكن عيبا في نظام التعليم الذي يخرج اليوم شباب يعرف القراءة و الكتابة لكنه لا يقرأ حقا .. بينما في زمن الأمية كانت الناس تتغنى بالقصائد ؟؟؟

إنني أنظر حولي لأحلل وضع  الزواج في زمننا الحالي كي أصل من خلاله لوضع الأسرة  و اشاهد النساء .. حولي .. الشابات .. امهات الغد .. و أجد العجب ... أجد الكثير من السطحية و عدم تحمل المسئولية و بالتالي سيترتب على هذا إنتاج جيل جديد يدفع بحال ليلى إلى الوراء بينما يمضي العمر للأمام

طبعا أنا هنا لا اعمم و لا ادعي أن كل نساء عصرنا الحالي سطحيات أو غير مؤهلات للأمومة

لكني أتحدث هنا عن نسبة غير هينة ... و لا أقيسهن بمعاييري الشخصية بل أقيسهن بمعايير المنطق و العلم

عندما تجد أمامك أم و زوجة شابة إنظر لها بهدوء و أسأل نفسك .. إن كنت تعرفها؟؟

هل تتحمل تلك المرأة مسئولية طفلها وحده ام هي تلقي بجزء كبير من حملها على عاتق أمها.. و تقضي معظم الوقت عندها؟؟
هل تقرأ تلك الأم الشابة .. و لا أعني هنا في السياسة .. أو الأدب و التاريخ .. على الأقل هل تقرأ و لو من باب الفضول عن الطفل و تنشأته و سيكولوجيته؟؟
قطعا تلك الأم حصلت على بكارليوس ما من  كلية ما
هل تعمل تلك الأم؟؟
هل يؤثر هذا على واجبتها ناحية بيتها و طفلها؟؟

أنا هنا لا أشير إلى عودة المرأة للبيت و لا أدعو أن هذا هو  مكانها الطبيعي ووظيفتها الأساسية .. كما سيظن البعض .. لا على الإطلاق .. أنا فقط أتسائل هل تستطيع تلك الأم التوفيق بين أعبائها الكثيرة أم لا ؟؟؟ لأنه في تلك الحالة إن لم تكن قادرة ... فلها أن ترتب أولوياتها .. ببساطة.. ووعي تحتاجه المرأة للنجاح في حياتها

فقد عذب المرأة لسنوات طويلة كونها فردا يسير مدفوعا بين قطيع
و أعتقد أن تحررها الحقيقي كمن في خروجها عن هذا القطيع لتحسين أوضاعها لذا فإنه من المؤسف أن تلتحق بقطيع آخر دون تفكير

نعود للأسئلة التي قد نتسائلها بالنظر لأم شابة
هل تتشاجر تلك الشابة مع زوجها أمام أطفالها ؟؟
هل طلقت تلك الشابة؟؟ و لماذا؟؟
بماذا كانت تفكر تلك الشابة أثناء الخطوبة؟؟ في ثوب الزفاف و الجهاز و المباهاة بكل ما اشترته و فعلته كي تباهي به امام قريناتها؟؟
هل تتشابه ليلى الحالية في نظرتها السطحية للزواج مع مثيلتها منذ عهود ... " ابنة سي السيد " التي تنتظر الزواج فقط كي لا تحمل لقب عانس هل يتشابها في السطحية و إن إختلفتا في الأولويات

قد تطول قائمة الأسئلة التقيمية إلى مالانهاية
و قد يفاجئك وضع ليلى الحالي
و تفاجأ بأن هناك خدعة ما في الأمر
فرغم التعليم و الحريات و الإستقلال المادي
لازلنا اليوم في القرن الواحد و العشرون و كنساء شرقيات نتكلم اليوم في نفس القضايا التي كانت تتلكم فيها جداتنا

فعلى الصعيد الآخر لا تتحمل أعباء تلك الأوضاع ليلى وحدها .. هناك الرجل .. الزوج أو الأخ أو الشريك.. الذي يتحمل هو الآخر معها مسببات ما نراه من تشوه في القيم و تردي في الأوضاع الإجتماعية و الأخلاقيه

لكن هذا الرجل ربته ليلى ما من جيل سابق
ليلى متعلمة و تعمل
ليلى جاهدت و حاربت جدتها من اجل إخراجها من ظلام سيطرة الرجل
فسلمت إبنتها لسيطرة رجل و مكنت إبنها من السيطرة على إمرأة
!!!


أما بالنسبة ليلى الجيل الحالي
 صارت مهمتنا أصعب لأن ما نطالب به هو خروج العقول للنور .. لا الأجساد فقط

هل إنشغلت ليلى السابقة بذاتها و أغفلت بث مبادئها في الأجيال التي تليها؟؟
إن ما نستشعره اليوم من أسى هو خطؤنا نحن النساء في المقام الأول .. فالمرأة هي الأم
و الأم هي كل شيء .. هي الأرض و البذرة و النبتة
و إن صلحت الأرض و البذرة نتجت نبتة جميلة لا تحتاج منا كل هذا المجهود

لذا و نعود لبداية المقال .. و خاطرة صديقتي العزيزة
هل نجري إختبارات لتحديد صلاحية أباء و أمهات المستقبل؟؟
أم ندعو لتثقيف ليلى؟؟
لأنه و على ما يبدو التعليم وحده لم يكن كافيا
...........................


موقع كلنا ليلى
http://kolenalaila.com/

4 comments

يا مراكبي said...

عزيزتي

برغم أن القضية تبدو في ظاهرها قضية خاصة ب "ليلى" لكنني أراها تخص الرجل الذي يتعامل مع ليلى أيضا

فالمرأة تحررت بالفعل من بعض القيود التي كانت تحدها في العصور الماضية لكن هذا التحرر كان محدودا في إطار ما خاص بالعمل والتعليم وبعض الأمور الشكلية .. ولم يتخطى ذلك إلى بقية أمور الحياة وبالتالي ما زلنا نحس جميعا بأن المشكلة لا زالت قائمة

أهم ما أقصده هو أن تتحرر ليلى في طريقة تنشئتها للرجل .. سواء كان إبنا أو أخا ثم زوجا بعد ذلك .. لا زالت ليلى تنظر لنفسها فقط دون أن تنظر إلى جانبها الآخر الذي يحتاج هو أيضا لنفس التحرر من الأفكار القديمة

الخلاصة .. لا فصل بين ليلى ورجلها .. فكلاهما واحد

Amira said...

عزيزي

عبرت أنت عما قصدته بكلمات بسيطة و بدون إطالة

لقد وضعت يدك على مربط الفرس كما يقولون
و في إعتقادي الشخصي أنه في تحرير ليلى للرجل .. إبنا كان أم أخا أم زوجا
تحررا حقيقا لها

تحياتي لك

sabry abo-omar said...

عزيزتى
اتفق معكما فيما زكرتما من أهمية البناء من ليلى ذاتها للعالم الخارجى فينظر لها كما رأت هى نفسها اولا ولكن هل تروها مؤهلة أصلا لهذا الدور أو تدرك قيمته فا التى كانت نتيجة تكون الآن سببا لنتيجة نراها غدا

أما إختبار الأزواج قبل القدوم على تجربة الأسرة أجدها غير مجدية لأننا لن نوقف تكوين هذه الأسرة حتى لو كانوا غير مؤهلين ولكن العلاج هو تأهيل أفراد المجتمع لهذا الدور الذى قهرا أو إختيارا سوف يقوموا به

كلمات من نور said...

أنا بقى يا فريدة عايزة أحاسب غياب الرجل .صدقيني بيوت كتير الزوجة فيها بقت أم و أب بديل وموظفة داه غير مسؤوليات البيت ووووووووبعد كده اول ما يصدر شيء خاطيء من الأبناء يقول الرجل : ما هما تربتك يا هانم ....طيب وانت كنت فين يا بيه؟ صدقيني أنا شفت بعيني زوجات كثيرات من هذا النوع وأزواج كثيرون أسألهم أين أنتم؟

Professional Blog Designs by pipdig