مدونة حكايات فريدة

خالد أبو النجا " عندما يكون الفنان مثقفا"




لي ذوقي الخاص في الأفلام و يندم البعض عندما يشاركني مشاهدة فيلم .. و أنا بالقاهرة منذ اسبوع قررت ان اقضي سهرة في مشاهدة فيلم هليوبوليس .... فيلم قد لا يستهوي الجماهير كافة .. لكن كادراته و متعة رؤيته اغنتني عن رتابة الأحداث و فقر الحوار الذي تفهمته جيدا لأن الفيلم اوصل بالصورة ما يساوي الف كلمة

حفزني الفيلم لا بالكتابة عنه قدر ما حفزني للكتابة عن " خالد ابو النجا" أحد ابطاله و البطل الدئم مؤخر لعدة افلام دوما ما توصف بالإختلاف و التميز
خالد ابو النجا كان بالنسبة لي شخصيا وجها معلنا لماركة ملابس شهيرة .. كنت كصبيه يستهويني ملامحه الجذابة و كم اغضبني عندما رأيته يمثل لأول مره في عمل تلفزيوني لا أذكر اسمه الآن .. لكنه لم يعجبني و أغضبني أن يشوه صورة ذلك الرجل الذي أعجبت به في بوستر إعلاني .. وودت لو لم يخرج من ذلك البوستر و يتكلم
لكن " خالد أبو النجا" سرعان ما  استعاد إعجابي القديم به في ذهني و رسخه لاحقا .. لا إعجابا برجل وسيم و لكن إعجابا بفنان مختلف ,واعي و مثقف

درس خالد ابو النجا الهندسة .. لكنه درس أيضا المسرح و  عمل بالفن .. قطعا في البداية ساعده شكله .. فالسينما في النهاية هي فن الصورة قبل كل شيء .. بالنسبة لإمرأة تهوى الكتابة مثلي .. تظل الكلمة دوما هي الأهم .. و يظل كل فنان يحترم الكلمة بالنسبة لي هو فنان يحترم
و هذا ما سعى إليه خالد ابو النجا عندما حاول البحث عن النص الذي يقدمه في صورة فنان صاحب رساله لا مجرد رجل وسيم يجدر بك لصق صورته على بوستر

بداية من فيلم رانديفو الذي قدم فيه " العدل" كعادتهم الفرصة لشباب لمع فيما بعد 
ثم مرورا بتجربته مع داود عبد السيد -الذي عبرت عن إنحيازي له قبلا- في " مواطن و مخبر و حرامي " و التي بدأ فيها " خالد " بتصميم بطاقة تعريفه الخاصة
في سهر الليالي - ذلك الفيلم الذي يعد نقلة في تاريخ السينما المصرية الحديثة حيث فتح الباب للإهتمام بنوعية مختلفة من الأفلام و حاول آخرون حذو حذوه في ما بعد - تم إختيار " خالد أبو النجا " ذلك الرجل الجذاب الجميل كي يؤدي دور الرجل الذي تعاني معه زوجته عدم الإشباع الجنسي!! .. ليبين لك الفيلم التناقض الحقيقي الذي نواجهه في الحياة عامة و العلاقات خاصة .. و انا بالسينما كنت مبهورة بإنسيابية اداء خالد .. و كان هذا الفيلم تحديدا هو بداية رفعي القبعة له
توالت افلامه في ما بعد .. و صار إسمه بالنسبة لي دالا على قراءة جيدة للنص 
و ربما أكون غفرت له أداؤه الذي بدا الاضعف في فيلم " ملك و كتابة " لأنه في النهاية إختار ذلك النص الرائع 
لكني ظللت دوما أرى بينه و بين " هند صبري" كيمياء جميلة والتي أراها بدورها فنانة مثقفة و مختلفة
و استمتعت بكلاهما في " لعبة الحب" الذي بدا لي فيلم السهل الممتنع لبساطة القصة و عمق الحوارات التي يثيرها
تصاعدت مهارة خالد في الاداء بمرور الوقت و في إعتقادي الشخصي هناك عملين هامين تركا بصمتهما على اداؤه
أولهما بصمة الرائع " محمد خان " عليه  في شقة مصر الجديدة .. اضاف هذا العمل ل" خالد " الكثير كممثل و ظهر هذا جليا على أدائه في ما بعد

ثم أداؤه الذي يحسب له حقا في المسلسل التلفزيوني القصير " مجنون ليلى " .. في رأيي الشخصي .. إن كان اداء " خالد ابو النجا" في بعض اعماله يتراوح من الجيد جدا إلى الممتاز فإنه في هذين العملين تحديدا ارتقى بنفسه كممثل ناضج و كما علقت عن هذا سابقا .. هذا ما يضيفه لنا العمر و الخبرة.


كتبت قبلا عن فيلم" واحد صفر" أصفه بانه أجمل ما شاهدت في ذلك العام و فيه تبلورت ملامح خالد كممثل

في الحياة العامة يتبنى خالد قضايا عامة مثل التوعية الجنسية و هو سفير للنوايا الحسنة بمنظمة الامم المتحدة و بهذا هو يضرب مثلا بالفنان الواعي المثقف الخارج عن عباءة عمله الفني إلى الواقع المحيط به


 خالد ابو النجا .. رغم نظرة عينيه التي اضفى عليهما العمر عمرا و شجنا و خطوطا  رفيعه يداريها الاستعداد للوقوف أمام الكاميرا .. مازال فنانا صغيرا و بمنتصف الطريق كل ما اتمناه له فقط ان يستطيع الإستمرار في القدرة على إيجاد النص المناسب لعقليته
فأنا أظل كمنحازة للكلمة .. أنسب للنص كل الأهمية .. و ابحث عنه أولا و آخرا
و كمشاهدة متواضعه جدا من جمهور عريض أكتب له تحية .. و أنتظر مشاهدة "ميكروفون" بفارغ الصبر



1 comment

Tamer Moghazy said...

.....وبعد قراءة لبعض بوستاتك..
اعترف باعجابي لرؤيتك وتحليلك..

"لي ذوقي الخاص في الأفلام و يندم البعض عندما يشاركني مشاهدة فيلم"
كانت المفتاح لباقي الموضوعات في مدونتك الجميلة :)


احترم فيك ايضا صياغتك للعنوان بطريقة تدفعني لقراءة الموضوع :)

Professional Blog Designs by pipdig