مدونة حكايات فريدة

عن القسوة


هذا البوست أهديه إليك أنت ... لو أنني أستطيع بمودتي الحقيقية لك أن أخفف  الألم و ألا أرى بعيونك دمعة واحدة لفعلت.. أعتذر لك صديقتي عن قسوة البشر و الأيام و ليت الكلمات تخفف وجع, و ياللأسف أني لا أملك لك سوى الكلمات 
....................................................


"إنكم  تعطون قليلا عندما تعطون من حطام ما تملكون, أما العطاء الحقيقي فهو ان يــُعطي الإنسان من نفسه" 
جبران خليل جبران – النبي

ذلك الألم بالقلب .. عندما تشعر أن سكينا مغروسا بقلبك .. أن أنفاسك لا تكفيك و أن روحك تنسحق.

يقسو الآخرين أو ربما تقسو الأيام فنتألم .. نشعر ذلك الألم المبرح الذي لا تكفي أي كلمات لتسكينه و كأننا نتكوي بنار لا تكفي كل الدموع لاخمادها.

لا شيء يسحق أكثر من ألم الروح
الألم يترك علماته بالروح .. و أتذكر تلك العلامات جيدا كلما رأيت حكاية بها ألم .. أشاهد شدة وطأته على الآخر و أخبره أني أتفهم .. لأنني حقا أتفهم.

لأنني انسحقت قبلا, قديما .. و بقسوة مفرطة

لكن لا شيء يكفي .. لا مسكن لذلك الألم .. الجسد ألمه أهون .. الجسد يستجيب للعقاقير .. لكن ما هو عقار الروح, سوى بعض من رحمة؟!

و إن كانت القسوة هي ما دهست روحك .. فإنك تلتفت لتواجه ذلك العدو الوحشي .. و تحاول فهمه
من أين تأتي القسوة في قلوب البشر؟

إنها تأتي من الألم .. ذلك الذي يقسو عليك أو يسخر من ألمك غير مكترث .. هو في الأساس شخص شوهه الألم .. لم يعرف كيف يتعامل مع ذلك الوحش الضاري الذي واجهه, ترك نفسه بين أنيابه و تركه هناك ممزقا .. مشوها.

في أغلب الحكايات, كان هؤلاء الذين يسخرون من ألم الآخر أو يستخفون به أو يحاولون الامعان في القسوة على الآخر.. " عشان عضمه ينشف" .. هم في الأغلب قلوب شوهها الألم و تركها كالصخر ملعونة بالقسوة.

كم يذهلني ذلك المسخ الذي نصيره عندما نفتقد الرحمة .. عندما نرى ألم الآخرين و نهز كتفينا باستهانة
لكن ما بين المسخ الذي صرناه و الإنسان الذي كنا, تتأرجح ردود أفعالنا .

لا يوجد مطلق .. نميل تجاه أحدهما فقط لكن لا يلغي أحدهما الآخر ففي النهاية نحن بشر.

و مهما بلغت قسوتنا .. و القسوة ما هي إلا رداء قوة مزعوم نرتديه كدرع لحماية أنفسنا من الألم.. تظل هناك لحظة تستطيع فيها الأيام أن تخترق ذلك الدرع لتنفذ إلينا و تجعلنا نسدد ديون غيرنا .. تسلبنا القوة و تتركنا للضعف متلمسين الرحمة في قلوب من لم نرحم

  الرحمة صفة إلهية هكذا رددت يوما و أردد دوما
هي تلك اللمسة التي تلمسها يد الله لقلوبنا كي تظل مبصرة .. حية و نابضة كما يجب أن يكون النبض.
من أعمى الله قلوبهم هم أتعس من قابلت بحياتي .. لهم حكايات .. تعيسة قاتمة, ظلالها رمادية.

 و إن كانت يدك تستشعر المادة و أنفك تشم الروائح و أذنك تسمع الموسيقى .. كيف تصف اللون لأعمى؟
إنه يظل هكذا شقيا بعمى قلبه.

كلما انسحقت روحك .. و شعرت ذلك الوجع .. و بكيت ذلك البكاء المر الذي لا يعلمه سوى الله و هؤلاء الذين ابتلاهم الله بمثل ذلك الألم

كلما حدث هذا .. تذكر الرحمة .. كن رحيما بنفسك .. بأي طريقة .. اجعل قلبك نصب عينيك .. لا تفقده في ذلك الصراع المرير مع الألم


حاول أن تبصر ما وهبته الأيام لك مقابل ما افتقدت .. و ما استمتعت به مقابل ما تتحسر عليه
ستجد أن القسمة عادلة بينما القسوة ليست كذلك

و لا تلتفت لمن يستخف بما تمر به بحجة أنه قد مر بما هو أصعب منه مرددا
" بكرة تكبر و تعرف"

و التي أحولها أنا إلى " بكرة تكبر و تعمى"مشيرة إلى الآخر  عندما ينسى تلك اللحظة التي كان فيها غضا ضعيفا يسحقه الإحساس الذي يستخف به اليوم

أحيانا ليست جلودنا فقط هي ما تفقد نداوتها عندما نكبر .. أرواحنا أيضا
و كم من أرواح شاخت و هي لم تزل بعد تسكن أجساد ندية

لا زلت إلى الآن أعرف الألم و أمر به .. و قد أرى ما هو أكبر منه لكنني لا أخشى الألم قدرما أخشى ما قد ينجم عنه من قسوة.

4 comments

Israà A. Youssuf said...

:(((
وجعتيني..

يقول أنى امرأة said...

التدوينه دى بتوجع اوى يا اميرة

Amira said...

اسراء
سلامتك من الوجع

Amira said...

امرأة
لأنها عن الوجع نفسه عزيزتي

Professional Blog Designs by pipdig