مدونة حكايات فريدة

راقصة و قواد




عندما تجرب بحياتك أن تقف على المسرح , تعرف قوة تأثير ذلك النوع من الفن على الروح , لا شيء آخر يضاهي وقوفك على ما نسميه خشبة المسرح , تلك الأرض الخشبية التي تقف عليها مسلطة عليك الأضواء لتواجه جمهور , و تستطيع بقوة حضورك و أدائك أن تجعله يصمت تماما كي يسمعك , ثم يتفاعل معك , ثم يصفق لك بحماسة قبل أن يسدل الستار ,
المسرح أبو الفنون , المسرح تدريب جيد لمن عرفه , يترك على روحك بصمات من الثقة بالنفس و الحضور.
عن تجربة شخصية لا شيء يضاهي المسرح , لأن التفاعل مباشر , لكن تظل لكل وسيلة عرض تأثيرها
كلمة مسرحية بالانجليزية هي " play
فهي في الأساس , ملهاة , لعبة , محاولة للتسلية , و مر الزمن و لم تعد المسرحيات على خشبة فقط , صار هناك صندوق صغير في كل بيت , يجعلك تجلس أمامه و تتفاعل معه
الأمور تلك الأيام تبدو عبثية , لا تذكرني بالمسرح , و العرض المنظم , و الجمهور المتفاعل , قدرما تذكرني بما قرأته عن ملاهي باريس في القرن الثامن عشر , تلك الملاهي التي تشبه ما نطلق عليه نحن لقب كباريه , حيث كل شيء يموج في بعضه , حيث العرض مستمر , و الصخب يجعلك لا تدرك حقيقة ما يجري حولك
فتيات الكان كان الشهيرات يرقصن رقصتهن المغرية و أنت جزء من صورة سريالية كبيرة متداخلة الألوان , لست أنت من خطط لهذا العرض و لا أنت مستمتع به كلية , لكنك أنت من يدفع حسابه
هزلية ما أشهده تلك الأيام أكبر من الكتابة , كعادتي أجلس على الجانب صامتة و أرقب , فأنا أعرف أن هذا ليس بمجرد عرض على خشبة و الجمهور مصفوف يرقب , تلك ملهاة تبدو عبثية بشكل مبالغ فيه , و لقد علمتني الحياة أن المبالغة دوما دلالة على شيء مناقض, على غرار الأنماط الشخصية , ذلك الأكثر تعجرفا هو الأكثر عدم ثقة بالنفس داخليا و تلك الأكثر سخرية من الجميع و كأنها تملك كل شيء , هي أقل من تشعر بقيمة ما عندها حقا.
صدقني عندما أخبرك أن المبالغة ستار واهي , يخفي خلفه ما لا ترى و أن هذا هو الغرض
الستار يخفي مالا يريد من على الخشبة منك أن تراه
و ساق الراقصة التي ترتفع بوجهك كي تغريك و ثوبها المنحسر حتى بطنها , يخفي وجهها المصبوغ بالمساحيق و الذي يبدو أقل جاذبية مما تتصور
لذا كل تلك الأشياء العبثية في أيامنا, بدءا من المواضيع المستفزة التي يناقشها البرلمان المصري مرورا بالأحداث العنيفة التي تتصاعد من فترة للأخرى , فجأة و بدون سابق إنذار و حتى تلك العروض الجديدة على هذا الشعب , حيث الرئيس  المرشح يحاور بالتلفزيون !, ناهيك عن كون مصر فعليا بدون رئيس حتى الآن , كل هذا العبث , لا يثير غضبي و لا أحاول فك رموزه , فقط أفصل نفسي عن المحيط و أنظر بهدوء , و أعرف يقينا أن الهزل لم يكن أبدا فقط من أجل الهزل , و الملهاة لم تكن سوى وسيلة من أجل شيء آخر , و القاعدة القديمة تقول " The show must go on"
إنك تقدم للجمهور ما يريده و تأخذ منه ما تريد أنت و يصفق لك في نهاية العرض و بشدة , لأن هذا ما تجيده أنت
The Play

4 comments

عين فى الجنة said...

like

Amira said...

thanks

يا مراكبي said...

الله ينور عليكي

عمال أحاول أقنع الناس بالمسرحية وهما مصرين على الأحلام .. وارتفاع سقف الأوهام كمان

بكره كل شيء هيبان .. هانت

Amira Elsherbiny said...

للأسف إن كل شيء يبان يعد وقت و بيكون الأوان قد فات

هنشوف
ربنا يستر

Professional Blog Designs by pipdig