مدونة حكايات فريدة

ما لم ينشر 1




كان الشتاء قد حل , خلعت معطفي عندما دخلت إلى المنزل و علقته على مشجب بجانب الباب , و سرت حتى المقعد المواجه ووضعت مفاتيحي على المنضدة المستديرة المجاورة, بجانب الجريدة المطوية و فنجان قهوة التي شربتها صباحا , النور لم يزل متسللا من خلال النافذة المجاورة للمنضدة ملقيا بضيائه على المقعد الذي جلست عليه ملقية بحقيبة يدي بجانبه بعدما أخرجت منها الكتاب الذي اشتريته لتوي ثم وضعته فوق الجريدة المطوية و عدت بظهري للوراء مستندة و أنا شاردة , كان الوقت قد مر , الوقت الذي يقول الحكماء أنه أصدق حكم و الذي مهما رفضنا الاحتكام إليه , يجبرنا على الانصياع

بدت الذكريات و الأفكار أكثر زخما من أن أستطيع التركيز بأي شيء آخر سواها , فقمت للمطبخ كي احضر لنفسي فنجان قهوة آخر غير ذلك الفارغ الذي غسلته , ثم و أنا واقفة شاردة أمام الموقد باغتني هو من الخلف و احتضنني فشهقت وجلة في البداية و ابتعدت لكنه قربني , فالتفت برأسي كي أقبله قبلة خاطفة و قلت بلوم
-         تتسلل لتخيفني ؟
فقبلني قبلة أخرى و أجابني
-         أتسلل لأفاجئك
ثم أفلتني و سألته و انا أصب القهوة
-         كيف كان يومك ؟
أجابني
-         المعتاد
قلت له و أنا خارجة بينما تبعني هو
-          أنا لم أتصفح بعد الكتاب الذي سنناقشه اليوم أنا و البنات
ابتسم ساخرا
-          آه , اليوم هو  يوم مقهى القراءة !
ضربته على كتفه برفق قبل أن أعود لجلستي بالمقعد
-         لا تسخر منا , تكون جلسة ممتعة و مثمرة للغاية في المقهى , أفضل من النميمة و الحديث عن الموضة
 جلس على يد المقعد و أمسك بكفي و قبل أناملي و هو يكمل سخريته
-         أريدكن أن تتكلمن في الطبخ , أفيد
فابتسمت و سحبت يدي كالغاضبة و عقب هو متسائلا
-         ماذا ستناقشن هذا الأسبوع ؟
أمسكت بالكتاب  المجاور مناولة له إياه و أنا أجيبه
-         كتاب انجليزي عن تجربة حقيقية لرجل
 تطلع إليه و قال
-         سيرة ذاتية ؟
-          رصد لتجربة حياتية في وقت معين
تصفح الكتاب
-         لن تستطيعين انجازه قبل ميعادكن
-         لقد قرأته من قبل , لكنه كان معارا , أحببت أن اقتنيه فاشتريته اليوم و أريد إعادة تصفحه للتذكر
أعطاني الكتاب  معلقا
-          لا أحب هذا النوع من الكتابات
رددت
-         تكون مفيدة للغاية إن كانت صادقة , أحيانا أفكر أني أريد كتابة شيئا مشابها
قلتها و شردت لبرهة و نظر لي هو في شرودي فقام من مكانه و جلس بمواجهتي
-         لا أحب عندما أرى في عينيك تلك النظرة
-         أي نظرة ؟
-         الخوف
هززت رأسي و قلت له
-         لا أتعمدها
ثم أردفت
-         لم أبرأ تماما من كل ما حدث , من اجل هذا أفكر أني يجب أن أكتب , كي اخرج كل الأفكار و المشاعر و التساؤلات التي ظلت عالقة بذهني لفترة و أثرت بي
-         اكتبي ما شئت
قالها ببساطة فقلت
-         سأكتب حكاية
سألني
-         عن ماذا؟
فابتسمت و فهم مغزي ابتسامتي
ضحك  فضحكت رغم أن ما فهمه لم يكن مزحة مطلقا.


18 نوفمبر 2011

1 comment

يا مراكبي said...

يحث ذلك فعلاً

لم تكن قد قالت مزحة ليضحك عليها

وهو ضحكته ليست تعبيراً عن أمر فكاهي

انها ضحكة ألم .. فهو لا يريدها أن تكتب تلك الحكاية .. التي ستؤلمه

Professional Blog Designs by pipdig