مدونة حكايات فريدة

عتق الآن متوافرة بمكتبات الشروق






لكنه قال لي أن هذا وهم، وكان يجب عليّ تصديقه؛ لأن منطق كلماته أقوى من لا منطقية ما حدث، ولأنه لم يكن هناك وقت للألم.

لقد قال لي يوما أني لا أحبه وأني أتوهم هذا لاضطراب أو احتياج ، ثم قال لي في يوم آخر أني أحبه وأني حمقاء ومجنونة أن فعلت ! ، قال لي أنه يريدني بجانبه وقد كنت فعلا بجانبه ، ثم قال لي أنه لا يستطيع تحمل تواجدي الدائم في حياته ورحل تكرارا فصمت.

 قال كل شيء ، في يوم كان يقرر أني حبيبته التي سيطلق لنفسه العنان معها ، وفي اليوم التالي كنت أنا التي تصيبه بالجنون لأنه يعرف كل تفاصيل حياتها الصغيرة ! قال لي أني متعبة ومريحة ، ذكية وغبية ، منفرة ومغوية بشكل لا يقاوم.

قال كل شيء من الممكن أن يقال، وقد كنت صامتة عن نفي مزاعمه وحكيت له كل الأشياء لكني لم أحك له ما أشعر حقا ولم أدافع عن نفسي أمام شكه ولا وعدته بما يطمئنه، فبدوت غير منطقية ، ولم يكن المنطق هو غايتي ، فقد باغتني كون كل شيء سريعا وغير مبرر ، فبدا لي الصمت هو الحل الأمثل ، وانتظرت الملل ، ذلك الذي يتسرب إلينا ويقتل كل الأشياء في لحظة قنوط تخمد كل الوهج. لكن الملل لم يأت، فكان الرحيل هو المخرج ، ومنذ البداية كان الرحيل هو الاتفاق والعقد المبرم ، ولم يتنبه كلانا أنه كان يجب أن يكون هناك مكوث كي يكون رحيلا.

و قد كان هذا هو ما قاومناه بكل طاقتنا ، المكوث، ففي الأصل كان كلانا مرتحلا.

ولأن الشك كان هو ما أفسد يقين تلك الحكاية، ولأن الشك كان هو ما يفسد كل الحياة؛ لأنه نقيض الإيمان والثبات، فلقد ردّدت لنفسي مزاعم شكّه المتعددة، كمن يتشبث بالإلحاد لأنه مهربه من اليقين بوجود جهنم.

كنت يومها أكرر لنفسي وبقوة كل ما يجعلني لا أستسلم للألم، كنت أرتّل بداخلي أقاويله، ولقد قال الكثير، ويومها كان قد اختفى، ولا مزيد من الأقاويل.

لكن عيني كانت معلّقة على هاتفي معظم الوقت، أخرجه من حقيبتي كل فترة؛ لأتأكد من أنه لم يرنّ دون أن أسمعه، وكلما رنّ اضطرب قلبي وأنا أنظر للاسم، نعم، كنت أنتظر مكالمة منه، عودة أخيرة قبل سفري، لم أتصور أنه سيتركني أسافر دون أن نقول كلمات أخيرة، دون أن أعرف أني قد أعود يوما لأجده، لكنه النمط الذي جبلت عليه معه، هو الحاضر الغائب، الموجود بعيدا عني والراسخ في وجداني.

1 comment

sabry abo-omar said...

ألف مبروك وسعيد فعلا إنى شوفت رواية باسمك فى الأسواق وأكيد هاتكون رواية جامدة.. تحياتى وتمنياتى بالتوفيق وإنشاء الله هاقرأها وأكتب كومنت عليها فى جودريدز .. ربنا يوفقك

Professional Blog Designs by pipdig