مدونة حكايات فريدة

ليون الأفريقي









"مرة جديدة يا بني يحملني هذا البحر الشاهد على جميع أحوال التيه التي قاسيت منها، وهو الذي يحملك اليوم إلى منفاك الأول.
لقد كنت في روما ( ابن الأفريقي) وكنت في إفريقيا ( ابن الرومي). وأينما كنت فسيرغب بعضهم في التنقيب في جلدك وفي صلواتك. فاحذر أن تدغدغ غريزتهم يا بني ، وحاذر أن ترضخ لوطأة الجمهور! فمسلما كنت أو يهوديا أو نصرانيا عليهم أن يرتضوك كما أنت، أو أن يفقدوك. وعندما يلوح لك ضيق عقول الناس فقل لنفسك أرض الله واسعة، ورحبة هي يداه وقلبه، ولا تتردد قط في الابتعاد إلى ما وراء جميع البحار، إلى ما وراء جميع التخوم والأوطان والمعتقدات."

"و كان على أن أنتظر ظهور الشعرات البيضاء الأولى و أيام الأسف الأولى قبل الاقتناع بأن من حق الرجال أن يضلوا الطريق إذا هم ظنوا أنهم يسيرون وراء السعادة. و مذاك أخذت أحب ضلالته مثلما أرجو يا بني أن تحب ضلالاتي , بل أرجو أن تضل أحيانا بدورك و أرجو أن تحب كما أحب إلى حد الطغيان, و أن تظل طويلا متهيئا لأسمى ما في الحياة من إغراءات"

" لست أطلب المعرفة فهي توثق اليدين بأحكم مما يوثقهما القيد, أرأيت في حياتك فقيها يقود جيشا أو ينشئ مملكة ؟"
"فقد كنت بحاجة إلى الرحيل على الفور, إلى التشبث عاليا جدا بسنام جمل, إلى أن يبتلعني الرحب الصحراوي الذي يتخذ فيه الناس و البهائم و الماء و الرمل و الذهب جميعا , اللون نفسه و القيمة ذاتها و التفاهة الفريدة عينها"

" كثير من الناس يكتشفون الدنيا الواسعة و هم يسعون إلى الغني و حسب , أما أنت يا بني فسوف تعثر على كنز و أنت تسعى للتعرف على الدنيا"

" تكفي لمحة أحيانا كي يغدو الشيء غير قابل لأن يستبدل "

" أنا لا أحسب الأيام التي أراك فيها و الأيام الأخرى هي التي تبدو و كأنها لا تنتهي"

" فعندما بقص مسافر مآثره يغدو سجين تهليلات سامعيه و هو لا يجرؤ على لقول (لست أدري) أو (لم أشاهد) خوفا من أن يفقد مكانته و هناك أكاذيب تتحمل أوزارها الآذان أكثر مما يتحملها الفم"

"هاهي ذي القاهرة أخيرا
لا يمكن أن ينسى المرء في أي مدينة أخرى بهذه السرعة أنه غريب. فما أن يصل المسافر حتى يلفه إعصار من الشائعات و النوادر و الثرثرات فمائة مجهول يحيطون به و يهمسون في أذنه و و يشهدونه على ما يفعلونه . لقد أصبح شريكا في الأسرار يمسك بطرف من حكاية خيالية و يلزمه معرفة تتمتها "

" فقد كان مكتوبا أن أنتقل من موطن إلى آخر كما يُنتقل من الحياة إلى الموت بلا مال و لا زخرف و لا ثروة غير خضوعي لمشيئة الله تعالي"



 من رواية ليون الأفريقي 
لأمين معلوف " روائي و صحفي لبناني " _  1984
عن قصة حقيقية عن الحسن بن محمد الوزان الزياتي المعروف ب ليون الأفريقي

1 comment

!!! عارفة ... مش عارف ليه said...

شكراً جزيلاً
على استضافتي في مدونتك
فتح الله عليك

Professional Blog Designs by pipdig