مدونة حكايات فريدة

الست بتاعتك , لا مؤاخذة !



في الستينات , بعد أكثر من عقد كامل بعد ثورة 52 كتب "نجيب محفوظ" روايته "ميرامار" عن فتاة جميلة فقيرة تعمل في بانسيون يطمع فيها الرجال المقيمين به , على اختلاف أعمارهم و خلفياتهم الثقافية و الاجتماعية.

الرواية اعتبرت رواية رمزية عن "مصر" و طمع كل فئة فيها , و حاول فيها " محفوظ" نقل الصورة الفعلية المؤسفة لحال مصر بعد وعود ثورة الظباط الرنانة

برسم الصورة النمطية للمرأة الجميلة الضعيفة الوحيدة التي يتجمع حولها الأندال طامعين فيها ,رسم محفوظ بورتريه لمصر في الستينات

"مصر" اللي كلنا بنتكلم عنها  كأنها واحدة , كأنها كيان منفصل , هو اللي بيتعبنا و يغربنا و يقهرنا
ايه هي مصر ؟

ست فعلا , متجبرة و معذبة اللي عايشين فيها
و لا ست جميلة زي بطلة ميرامار لم تجد رجل شهم يحميها؟

قبل الثورة نُشر كتاب ساخر , حاز شهرة كبير كان عنوانه "مصر مش امي ,دي مرات ابويا"
و مع الثورة ,غنى الفنان الكبير "محمد منير أغنية " ازاي" اللي اعتبر فيها مصر حبيبته اللي بتهين رجولته رغم عشقه ليها , و سألها فيها كل مرة " ازاي؟"

و قالها أنا لو عاشقك متخير كان قلبي زمانه اتغير

"مصر" اللي حولها القهر جوة وجداننا لكيان منفصل عننا , هي مش ست قهرت رجالها و لا هي بغي باعت شرف أحرارها .

" مصر" اللي بنلعنها و نسب فيها أكتر ما نبنكتب فيها كلام حب , و بنتغرب عنها و نقول مش عاوزين نرجع لها تاني , مش ست , الوطن معناه أرض , معناه موارد , معناه شعب و نظام سياسي

الوطن مش واحدة نايمة في سرير فرعون و مسلمة له شبابها عشان يقهره !

مصر هي الأرض اللي شايلة الرجالة اللي معظمهم أندال و طمعانين في موارد الوطن ده أو سلطته , ده حقيقي , زي تشبيه " نجيب محفوظ " من أكتر من خمسين سنة .

مصر هي الأرض اللي كل واحد فينا اتولد فيها بدون ما يختار , ما حدش بيختار وطنه لكن كل واحد بيختار مصيره, الشعب هو اللي بيخلق مصير الوطن.

"مصر " اللي في موروثها الشعبي مثل يدعو للتأمل " اللي يتجوز أمي أقوله يا عمي" مش ست بتختار اللي يتجوزها و بتقولك قوله يا " عمي", انت اللي بتقوله يا "بابا" بكامل ارادتك , لأنك خايف , أو مش فارق معاك , أو مش فاهم أو مش قادر , كل مرحلة تاريخية كان ليها أسبابها.

 لكن يوم 25 يناير سنة 2011 مش مصر اللي قالت لحسني مبارك " طلقني ", و لا كان اتغير حاجة في كل الواقع قبل اللحظة دي , أكتر من انه لمجرد لحظة الناس أدركت الحقيقة اللي مش محتاجة فطنة .

الوطن هو الشعب , لأن حتى النعيم اللي بيستمتع بيه الحاكم الظالم و حاشيته الحرامية ما هو إلا دخل موارد وطن , و طن مش هيدخل و لا مليم لو الشعب ده اضرب عن العمل فيه , و ده اللي حصل , البلد اتشلت و الناس قعدت في الميدان , و دبدبت على الأرض.

و البورصات العالمية اتأثرت , عشان مصر أرض ليها موقع استراتيجي في شمال قارة أفريقيا . و لما البلد وقفت كل الاقتصاد اتأثر , و مبارك اتنحي , لأنه الناس رفضت تمشي غير لما يتنحى , و مكنش ينفع الاقتصاد  العالمي يتأثر أطول من كده , و مفيش ست اسمها  مصر " كانت هتطلع للناس في الميدان تقولهم " روحوا بيوتكم يا حلوين و أنا هكلم بابا حسني"

كان فيه أرض عليها ناس غضبانة , ناس مش هتشتغل , مش هتعمل حاجة غير لو اتنحى الراجل اللي استباح دمهم و أفسد في أرضهم لسنين

و اتنحى مبارك , بس للأسف , زي ما محفوظ رسم مصر بعد ثورة يوليو ست الكل عاوز ينهشها , فضلت مصر كأنها الست اللي كل واحد بيلعنها لو الأمور ما مشيتش زي ما كان متصور!

" أنا طفل اتعلق بيكي في وسط السكة و توهتيه!"

لما تبقى راجل ,  بجد , يمكن ما تشوفش "مصر" كأنها أمك اللي باعت نفسها لراجل بدبورة و بعدين باعت نفسها لراجل بدقن !

هتفهم ان الشعب اللي مش فاهم ده و بيضر نفسه أحيانا أكتر ما بيفيدها, وصل للحالة دي بعد سنين 
كان الاستسلام فيها للي بيحصل أكبر من محاولة التغيير الفعلية .

الاعتراض بالكلام مش كفاية و لو شتمت اللي قهرك بكل لغات العالم , مش ده اللي هيرفع قبضته عن رقبتك .

المصريين معروف عنهم انهم من أكتر الناس اللي "لسانها زفر" , و ده للأسف , و لو دخلت على تويتر , هتلاقي إن أكتر شباب بيستخدم ألفاظ فعلا خارجة هو الشباب اللي معروف عنه انه ثوري و انخرط في العمل السياسي من قبل الثورة

حكاية الشتايم دي و ازاي المصريين بيتفننوا في قاموس شتايم كله متعلق بالشرف , و أغلبه فيه اهانة للأم , محتاجة دراسة سيكولوجية لوحدها, و حكاية انهم بيقولوا " لامؤاخذة " بعد الشتيمة بتوقعني أنا شخصيا من الضحك كأنها تصريح شخصي مرفق مع الشتيمة!

أنا بسمع كل يوم الناس بتتكلم عن مصر كأنها واحدة , كأنها حاجة !! و مش فاهمة امتى الناس هتعرف إن التشبيه الخيالي ده ينفع رواية يكتبها كاتب, لكن في الحقيقة مفيش واحدة اسمها " مصر" بتعمل كل البلاوي دي فينا, و لا حتى اللي حكمونا من بلد تانية , كلنا مصريين في بعض , يعني الغلط مننا فينا , كلنا .

لما تبقى راجل , يمكن تعرف إن في الحقيقة ,على أرض الواقع  لو انت متجوز ست و المفروض انك الراجل بتاعها و كل يوم الصبح بتصحي تشتمها و تقولها " انتي ******"
هيجي عليها اليوم اللي تقولك " ملعون أبو اليوم اللي جابني تحت رحمتك يا شيخ أنا *****  لأنك  ***"
لا مؤاخذة !!

3 comments

مها العباسي said...

مصر حكايه كبيرة من 3 حروف محفورين جوة قلب كل مصرى بيحبها بجد المصرى اللى عشقها فى دمة زى الداء لا يقدر يتغرب عنها ولا يعرف يفضل بعيد مصر اللى قلتى وانتى فى امريكا "امريكا حلم الاحلام"هارجع لمصر احقق فيها احلامى
مصر هاتفضل لان فيها مصريين بجد بيحبوها من غير مايوصفوها امهم ولا حبيبتهم ولا ايه هى مصر الداء والدوا

Magdy said...

Well, for me this is not the Egypt that I grew up in. This is something else that I don't recognize or relate to. I am almost ashamed of what I see from a distance, on TV.

When my friends here try to ask me about what is happening in Egypt, I find myself saying politely that I don't want to talk about it. Alas.

MG
Northern virginia, USA

يا مراكبي said...

أنا طول عمري بقرَّق بين مصر والمصريين .. وهو ده ملخص الحدوتة كلها زمان ودلوقت

Professional Blog Designs by pipdig