مدونة حكايات فريدة

تقاطعات على هامش الرحيل


#1
في البدء كانت الكلمة, كتابة وسكن وبوابات سحر
فتاة لن تكبر مهما شاخت, ترى خلف الأشجار عرا بات وعفاريت جن
تنظم من أجل القمر قوافي, ويوحي لها الجماد بحكايات الراحلين
في البدء كانت الكلمة بهجة اختيار لما هو قدر


...................

#2

يذكرني الرحيل بك, فأشتاق إليك
لأنك رحيل وغربة ووحشة نفس
مقترن أنت بالفقد والحنين ووجع البحث عن وجه مألوف بين وجوه المغتربين
لك مني سلام


..................

#3

هؤلاء الذين تسع حقيبة واحدة كل أغراضهم, كم أحسدهم!
هؤلاء المتحررين من لعنة التفاصيل وهوس الاقتناء
هؤلاء الذين تركوا بالأركان ذكرياتهم ولم يدثرهم سوى معطف واحد سيتخلصون منه فور أن يبلى
مرة حزمت حقيبة واحدة واغتسلت كمجابه موت ولم أكترث
ألف مرة جررت خلفي حقيبة صغيرة من أجل سفر
بيوت عدة وأشياء تكفي ملء أيام هي أضعاف عمري الفعلي وأوراق لا حصر لها لضيق الوقت
وأنت تطلب مني أن أبكي إن أردت
تنصحني ألا أتنكر لضعفي, فأخبرك أن البكاء ليس هو ما أريد
تسألني إن كنت قد ندمت فأستنكر أن يندم أحدهم على سعادة!
هو شجن الرحيل فحسب.
بالوقت سأعتاد التحرر من آفة الاقتناء وسأصير مثل هؤلاء الذين تسع حقيبة واحدة كل أغراضهم
وتصير البيوت مفاتيح باليد وظل من مطر وشمس فلا الحجرات ولا الأرفف تسع تفاصيلك
سكن المرء بداخله.


....................

#4

يقولون عني أني لا أخشى شيء مطلقا!
ادعاء آخر, مثل كل تلك الادعاءات التي سمعتها عنى وقذفني بها البعض وجها لوجه دون رأفة
قوتي مثل جنوني, مثل اختلافي, مثل تماثلي, مثل السحر الذي ألقيه على قلوب الرجال فيُجنوا
سعادتي الدائمة وامتلاكي كل ما أبغي وصلابة نفسي كنصل سيف!
كل تلك الأقاويل التي تبدو كخرافات جاهل عن محجوب...كم أدهشتني!
وأنت أيها الماكر المحتال, كيف فتحت لي في البدء بوابات التقبل على مصارعيها وغمرتني بالزهر
فخطوت معك نحو التحرر وتحققت.
أخبرك أنك قدر غررت بي فترد علي أنه قد تم بعلمي وهذا صدق
صِدق أني كنت أعرف, صدق أنه لا طريق يمتد دون استئناف خطو
كذبات عدة لم أرُدًّها لكنها آلمتني, كذبات أخرى أثارت سخريتي وهونت أهمية الرأي
لكن أكذوبة عدم الخشية هي وصف غير آدمي ومضلل
أنا أخشى أشياء عدة, وعدم بوحي عن وحوش ظلامي لا يُنكرها
احكي لي حكاية تُبدد بضيائها عتمة الخوف, عن أميرة تسكن بلاد بعيدة تغزل من قوس قزح شالا ستطرحه على وجه الشمس
احكي لي حكاية عنا, يوم سننظر خلفنا ونضحك, لحماقاتنا ومخاوفنا وآثار غضبنا وعنادنا الغير لازم
احكي لي حكاية اليوم, فأنا خائفة, ولا أعرف ماذا سيحدث غدا!

...................

#5


يوم قابلتك أول مرة, عبرتي الشارع لي وبيدك وردة
حمراء بلون القلب كما تغنى له الشعراء, غضة ندية مثل قلبِك أنت
لا مسافات ولا أيام ستفرق بيننا
من تلظى بنار القسوة يعلم قدر المحبة
محبتِك صافية كمحبة الأطفال وأنا أحبك
لن يختلف شيء, وسنبقى على حالنا
لله في خلقه شؤون, ومن يجمعهما الرب ويشكرا, لا يفرقهما.
وأنا وأنتِ من الشاكرين.


................

#6

وقت الفراق يتعاظم دوى دقات الساعة ويتضاءل كل شيء آخر ليبدو غير كافي
لن يكفينا الوقت ولا الحكاوي ولا الضحكات
لن يكفيني التطلع لوجهك الذي لا أشبهه كي أحفر ملامحك بالذاكرة التي ستستدعيك لتسكين شوق لن يرحم
لن يكفي أي شيء
لا الاعتذار عن أخطاء ماضية
ولا وعود بلقاءات مستقبلية غير معلومة الميعاد
وقت الفراق أود لو احتضنك حتى تتلاشى خلاياك بين مسامي فنصير واحدا
وقت الفراق يهون كل ما ظننا أنه لن يهن.

.................................

الأسكندرية - مصر
9 أكتوبر 2015


No comments

Professional Blog Designs by pipdig