مدونة حكايات فريدة

يوميات



الساعه الحادية عشر صباحا

أستيقظ في كسل كعادتي ..أتسائل بيني و بين نفسي متى سأعود للاستيقاظ مبكرا و النوم المبكر

أشعر بدفء الغطاء فأتكاسل في النهوض .. أمد يدي الى الكومود بجانبي أمسك بالريموت و أشغل التلفاز لأجده كما تركته ليلة أمس على قناة الجزيره

أسمع اخبار غزه.. أشعر بمراره في حلقي
.. و أشعر أنه عار علي أن اقبع تحت الغطاء و أستمتع بالدفء و هناك أطفال لا يسترهم من الموت ساتر و يموتوا و هم نائمون في أسرتهم بعد أن تقصف منازلهم فتدك عليهم

.....

أدخل المطبخ و ابدأ في اعداد قهوتي كما أشربها .. نسكافيه و كاكاو باللبن

أمسك بعلبة الكاكاو .. " كاكاو ألماني غامق اللون " .. دايما أنا نمكيه في ذوقي

أحب الأشياء بطريقه معينه .. في كل شيء .. لي مزاجي الخاص .. مزاجي الذي يتغير أحيانا كثيره لكن يظل المزاج متحكما في

فأنا أستمتع بالأشياء الصغيره

مثل طعم قهوتي كما اعدها .. بنفس نوع الكاكاو الذي احبه و نفس نوع النسكافيه

أشرد و أنا أفكر لو أن مصر في حصار .. مثل غزه .. كم ستتضائل أهمية الأشياء بالنسبه لنا و تبقى الحياه و يبقى الأمن هما كل ما نسعى اليه حقا

ربما يكون وقتها مجرد المشروب أيا كان طعمه أو لونه أو نوعه .. نعمه عزيزة المنال

أتنهد

رحماك يا رب بالعرب

....

الثانية عشر ظهرا

أجلس و أنا مرتديه ملابسي أمام الكمبيوتر لأقرأ المدونات و الأخبار

على الفيس بوك 48 رساله من جروبات مختلفه اشتركت فيها

مع غزه و ضد اسرائيل و .... الخ

تصيبني الأخبار بالغضب

أتسائل في حنق للمره المليون ... كيف لم تقطع مصر الغاز عن اسرائيل حتى الآن؟

أتخيل الفلسطنيون المنقطعه عنهم الكهرباء

و أتصور .. كيف يكون حالك عندما تحيا في الظلام .. مضافا اليه الرعب و عدم الأمان

إن الظلام في حد ذاته باعثا للخوف فما بالك لو كان النور الوحيد الذي يضيء هذا الظلام هو ضوء انفجار القنابل

أتطلع للشاشه ال

LCD

أمامي و أفكر نحن نتمتع بكل شيء .. الكهرباء و النت اللذان يجعلان الحياه بالنسبه لنا بسرعة قبسة زر

نقرأ عنهم و نرثى نحالهم و نتركهم بظلامهم و نعيش بنورنا

فيشعوا هم نورا و نشع نحن ظلمة و سوادا

.....

الواحده ظهرا

أنا بالصيدليه...أبيع أمل بالشفاء للمرضى .. يدفعون مقابله نقودا ربما تكون الأخيره بجيوبهم

تدخل علينا فجأه امرأه معها امرأه و رجل .. المرأه الثانيه تمسك بيد الأولى لترفعها و الأولى تصيح بنا

آه .. عاوزه حد يشوف صباعي اتقفل عليه باب العربيه

يؤلمني تعبير الألم البالغ على وجهها

أتذكر منذ عدة شهور عندما أغلقت باب السياره على اصبعي و كيف انكسر الظفر و سال الدم و فقدت وعيي لأول مره بحياتي.. وجدد الظفر نفسه و جاء الجديد مشوها و متعرجا

أعلم كم يكون هذا مؤلما

أشعر دوما بآلام الناس و كأني أمر بها

لذا فشلت و رفضت أنا أتعلم كيف أعطي حقن

لا أتصور أن أؤلم انسانا دون قصد مني

يسخر مني زوجي لمبرارتي السخيفه

عندما تكشف المرأه المنديل عن اصبعها و أنظر اليه لأجده سليما أطمأنها

آمر العامله باحضار شاش لربط اصبعها و اتركها معها

و أنظر للتلفزيون لأجد في الأخبار صور جثث تحت الأنقاض بغزه

أتذكر شهادة الأطباء المصريين في العاشره مساءا

" فتحه صغيره خارجيه و المصارين جوه معجنه .. كنا بنتفرج على الناس لغاية ما تموت..مش قادرين نعمل لهم حاجه"

لو اصبع اسرائيل داس عليه عربي تقوم الدنيا و لا تقعد

لكن الأطفال الفلسطنيون تجرب فيهم اسرائيل أسلحه جديده محظورة و فتاكه و العالم واقف لا يتحرك

أتخيل الألم الذي شعر به كل طفل نتيجه لإصابة

..

الألم

هو ما سنعرف معناه يوما عندما تفرغ اسرائيل من فلسطين و تستدير لنا

.......................

السادسه مساءا

نتناول الغذاء.. أنا أحب الطبخ و استمتع به .. و استمتع بطعم الوجبه اللذيذه المعده بمزاج و اتقان

أستلذ بالطعام و الشوربه الساخنه و أحمد الله على نعمته علينا

..............

الثانية عشر مساءا

مضى اليوم كالعاده دون أن اكتب

منذ بدء أحداث غزه و انا عاجزة عن الكتابه

ماقيمة خيالاتنا و ابداعتنا ان كنا لا نملك من أمرنا شيء

أحاول القراءه كي لا أفقد استمتاعي بالأدب

روايه مترجمه لألفريده بلينك

اسمها العاشقات

كل ما قرأت أكثر اكتشفت جهلي أكثر

و كل ما قرأت وددت القراءه أكثر

يالجهلي بالمترجمات و الروايات العالميه.. عار علي

أقرأ في الهامش ما كُتب عن الكاتبه النمساويه الحاصله على جائزة نوبل

أفكر في ألمانيا .. ثم في هتلر .. و أتذكر اليهود و محارق النازيه لهم

و أتسائل لماذا فشل اعلامنا في الترويج لقضيتنا؟

أهو تقصير من الإعلام أم إعراض من المستمعين؟؟

.....

حوالي الثالثه فجرا

أستعد للنوم

و كعادتي انتهى اليوم دون أن أفرغ من كل ما أبغي

و كعادتي أفكر في الأيام التي تجري

أشعر بالدفء الذي يحيطني به الصوف الأسباني فتخدر أفكاري

أفكر في غزة التي لا تعرف من الدفء الآن سوى نار الحرب والموت

أحاول نفض الأفكار عن رأسي كي انام و اغمغم

لكي الله يا غزه

...........................

صفحة من يوميات امرأه عربيه

يناير 2009


7 comments

!!! عارفة ... مش عارف ليه said...

لكي الله يا غزة

--------------

إن الله في عون غزة والحمد لله

لكن ماذا عنا نحن

هل سنستطيع أن نتوارى من عارنا

أسأل الله أن يغفر لنا ذلاتنا

فنحن المدانون وأصابع الأطفال تشير إلينا بالإدانة


عذراً على الإطالة
لكن تدوينتك أثارت الشجون

تحياتي
وليد

Ahmed Salem said...
This comment has been removed by the author.
Ahmed Salem said...

أسلوب الوصف لديكي بديع للغاية يا فريدة.

بالنسبة لموضوع غزة, أعتقد ان موضوع الغاز المصري الرخيص الثمن و الذي يستخدم لقتل أخوتنا العزل في غزة, قد يكون ورقة التوت التي تسقط قناع الأخوية المصرية الزائفة الذي يدعيها نظامنا الحاكم للقضية الفلسطينية.

أخيرا.. لكي الله يا غزة

فاتيما said...

يااااااااااه يا فريدة
بتحكى و كأنك كل واحدة و واحد فينا
أدق التفاصيل دى متهيألى كل حد
عنده ذرة مشاعر بيحسها و بيتهرب منها لما يوصل للنتيجة النهائية
و هيا إننا قللات الحيلة
و بكرة جاى الدور علينا
يسلم قلمك
يا فريدة من نوعك

تامر علي said...

فعلاً الأيام العصيبة السابقة مرت ثقيلة تحمل الكثير من الحزن والشجن والقلق .... حضور رائع واداء متألق ..دمت بخير

Ahmed Kamal said...

د. فريدة
أول مرة أدخل مدونتك ، و أعجبني ما قرأت ، فإحساسك بما تكتبين جميل ، و هو لهذا يدخل القلب .

تحياتي

Blank-Socrate said...

ساخرج قليلا عن موضوع التدوينه
اول تعليق فى مدونتى كان من فريده
اعتقد ان تشجيعك كان شىء ايجابى رائع
اعتدت ان اشجع كل مدون مبتدء
فقط و انا اقراء اول تدوينه لى شعرت برغبه انا ارى مدونتك و اشكرك
شكرا تحياتى

Professional Blog Designs by pipdig