مدونة حكايات فريدة

العجز




في فيلم المبدع وحيد حامد .. النوم في العسل...يعتبر أن مصر تعيش في حالة عجز تام.. عجز جنسي فــُسر على أنه إشارة للعجز السياسي.الذي نحياه جميعا.. فإن كان العجز الجنسي يعني عدم القدرة فإن الوضع القائم من عدم القدرة على تغيير الأوضاع سياسيا ... قد يكون مساويا في التأثير من حيث الإحباط و اليأس
و على الرغم من أن الفيلم كان يحمل نبؤة ما تحققت في ما بعد .. حيث أن العجز الجنسي قد انتشر في مصر بشكل كبير.. و هو ما قد يبينه مستويات مبيعات حبوب الفياجرا
إلا أن النقاد يميلون لتحليل الفيلم من وجهة النظر السياسية
بينما  أراه أنا  فيلم رائع يتحدث بوضوح عن العجز الجنسي في مصر.. و عن الحالة التي سيصل الشعب إليها إن إستشرى هذا العرض بها
و يدل إسمه .. النوم في العسل على الحالة التي نصل إليها عندما نرفض التعامل مع مشاكلنا و نخجل من البوح بها .. كي لا نعترف بعجزنا

عندما كتب وحيد حامد فيلمه عام 96 لم تكن الفياجرا " الحبة  الزرقاء السحرية " قد ظهرت بعد.. حيث تم  التصريح للسيدنافيل عام 98 و تم إطلاق العقار 
و عندما كتب وحيد حامد هذا الفيلم .. لم يكن الانترنت متاحا مثل ما هو الحال اليوم .. و لم يكن هناك ما يُدعى بالفيس بوك " الموقع الأزرق السحري" .. الذي يعد بمثابة الحل الأمثل .. لحالة العجز عن التعبير التي عاشها المصريون لسنوات طويلة
إن العجز عند المصريين إنقسم إلى مرحلتين .. مرحلة.. العجز عن التعبير منذ البداية.. ثم العجز عن التغيير

العجز عن التعبير ... و مؤخرا  خلال عدة سنوات لم يعد هو المشكلة التي تواجه المصريون
و صار الفضاء الإلكتروني هو المجال الواسع المتاح امام كل الفئات للتعبير عن ذواتهم و إعتراضاتهم
لم يعد الأمر قاصرا على الصحفيين أو السياسين
صار للكل مقدرة على الحديث في السياسة و التعبير عن الرأي
صار النت أشبه بالفياجرا .. في كل شيء .. و خصوصا في تأثيرها السلبي .. انها تحل العرض و لا تعالج المرض
لذا ظلت قدرة المصريون منقوصة ... فإلى الآن لم تتم العملية كاملة
و لم ينعم المصري بعد بالقدرة على التغيير الفعلي
أن يكون لكلماته صدى و تأثير

و لي هنا تشبيه طريف لا أعلم مدى صحته
لكننا و نحن خلف شاشات الكمبيوتر .. نكتب و نشجب و نعترض.. أشبه بهؤلاء الجالسون خلف الأبواب المغلقة .. يمارسون العادة السرية في صمت ... لأنه لا مجال فعلي عندهم للممارسة
و هي صورة على الرغم من كونها مثيرة للشفقة إلى انها مثيرة أيضا للتساؤل
إلى متى سيظل هؤلاء خلف الأبواب المغلقة؟؟ .. متى سيدفعهم جوعهم للشعور بالقدرة إلى الخروج و الإتيان بفعل التغيير؟

هذا التساؤل لا يروادنا نحن فقط كمشاهدين للموقف.. و لكنه يراود أيضا كل من يهمه الأمر و لا يوجد من هو جاهل او غافل عن تأثير الانترنت و الفيس بوك على الحراك السياسي بمصر

و في إعتقادي الشخصي.. أني قد أشهد يوما يصير الانترنت فيه غير متاح .. كما هو الآن .. هذا إن نتج عن عالمه الإفتراضي ممارسة فعلية و خطر حقيقي
و يشبه عندها في هذا المطبوعات في بداية القرن الماضي عندما كانت جرائد المعارضة و المنشورات توزع سرا و تــُعد عملا سياسيا خطيرا
و كان أول ما يفتش عنه في البيت هو " المطبعة" ... فهل سيأتي علينا يوما يكون أول ما يــُفتش عنه في بيوتنا هو " اللاب توب"؟ أم أن كسر حاجز العجز بدأ بخطوة .. و سيستمر حتى النهاية

و سيأتي ذلك اليوم الذي يريده كل إنسان عندما يشعر حقا أنه قادر... و سعيد


7 comments

محمد عبد الغفار said...

الفيلم من مفضلاتى رغم انى صرت لا احب عادل امام

تشبيه التعبير بحريه فى الفضاء الألكترونى بالعاده السريه وفقتى فيه الى حد بعيد وفى هذه الحاله هم ليسوا عجزه هم لديهم القدره وتؤرقهم بأستمرار ولكن غير متاح غير ذلك ، الخوف هو ليس فقط ما زكرتيه من ان تصبح هذه الممارسه المنقوصه تنفيس عن القدره فيهدأ ولا يطالب بغيرها "المسيطرون لم يسمحوا به الا لهذا السبب" وانما ايضاً فى اعتياده على ذلك لحد الأدمان لحد ان يعزف عن الممارسه الطبيعيه الكامله ان اتيحت فى يوم ما

وبقدر ما وفقتى فى المثال فقد جانبك التوفيق فى عبارة "صار الفضاء الإلكتروني هو المجال الواسع المتاح امام كل الفئات للتعبير عن ذواتهم" وتساؤلك "متى سيدفعهم جوعهم للشعور بالقدرة إلى الخروج و الإتيان بفعل التغيير؟" فالفضاء الألكترونى متاح اه للجميع ولكن لا يستخدمه فى التعبير الا غلاله رقيقه من النُخبه ولا يعبر عن نبض مصر بحال ، ومن لديه لاب توب وانترنت ليس بجائع وسيكون اخر من ينزل الشارع بسبب الجوع ، كما اعتقد اننا لا نرغب فى التغيير الذى يطالب به الجياع لأنه سيكون وبال على الكل

اما هل سيكون ضبط اللاب توب بدل المطبعه فممكن فعلاً ان زاد النشاط عن الحد المسموح به زاد واصبح فعال وليس ممارسه منقوصه

مقال دسم جداً

عين فى الجنة said...

وانا مع ما قاله الاخ محمد عبد الغفار

Amira said...

محمد

الجوع الذي قصدته و كما قلت
هو الجوع للشعور بالقدرة

لا الجوع بمعناه الحرفي
أن يطمح هؤلاء إلى ما هو أكثر من الممارسة خلف الشاشات
و يندفعوا إلى مجال أوسع
من أجل ممارسة فعلية

أشكرك للقراءة بإهتمام

و اتفق معك بأن التغيير الذي سيطالب به الجياع سيكون وبالا علينا نحن قبل كل شيء

تحياتي لك
و سلام

Amira said...

راجي

تحياتي

الجــــيرة والعشــــرة said...

موضوع جميل
بس أنامختلف في تشبيه الوضع الحالي من الإكتفاء بالكتابات والشجب والإعتراض بالعجز

ممكن ننظر للمرحلة الحالية على إنها مجرد مرحلة جديدة، فيها من الأدوات والإمكانيات ما لم يكن متاحا من قبل، وممكن نشبهها أكتر بمرحلة البلوغ، وما فيها من حماس ورغبة وفضول وشغف، البلوغ في حد ذاته مرحلة مستقله قائمة بذاتها، يتبعها بوقت ليس بالقليل مرحلة من النضج.

وبالتأكيد مرحلة النضج، هتكون مختلفة، فيها التفكير والتحرك هيكون مختلف تماما.

طبعا في فرق بين الرؤيتين، بين العجز وعدم الممارسة للتغيير، وبين أن تكون هناك مرحلة البلوغ والوعي، وتليها مرحلة النضج.

وبالتالي هتكون النهاية مختلفة، النهاية عندك شايف فيها شوية تشاؤم ، صغيريين :)، لا أعتقد إن مع الوقت
هنرجع تاني للخلف وتكون الإنترنت غير متاحة - أو على الأقل لا أتمنى ذلك :)- أنا شايف إن مع الوصول لمرحلة النضج هتكون الصورة أحسن إن شاء الله.
تحياتي

sabry abo-omar said...

موضوع شيق وجميل وتعبيرك عنه جاء ليعبر عن كل حالة قد يمر بها انسان فاللعجز أشكال مختلفة تظهر علينا مع مرور الزمن..سعدت بمرورى ..وفقك الله

اسامة يس said...

ثمة قوة قاهرة... وشعب مقهور...
هناك حيث يملك الطاغية كل أدوات التنكيل.. وحيث الدولة بوليسية..
يكون التساؤل عن قدرة فرد بمفرده على المواجهة..
لا أظن أن احد سيختلف معي في أنها مواجهه ظالمة ..
فأطراف المعادلة ليسوا على قدم المساواة...
فإذا كان هذا المقهور المسمى هنا بالعاجز... عاجزاً عن التغيير بالقوة.. فالتغيير بالحنجرة خلف حجاب يظن أنه يحميه من البطش أمر طبيعي ومقبول...إذ من يطالبه بأكثر من ذلك يطالب الضحية بالكف عن الصراخ...
ومع ذلك يمكن أن يصاغ السؤال كالآتي: لماذا سكت الناس عن الصراخ ايضاً..
ليكون الجواب دوران حول لا طائل منه...
...

Professional Blog Designs by pipdig