مدونة حكايات فريدة

"عايزة أتجوز" عندما تخطو بقدميك داخل الميزان





اعرف غادة عبد العال منذ كانت برايد و سوسة المفروسة .. مدونة مثلي لم أهتم باسمها أو شكلها مثل ما لم تهتم هي باسمي أو بشكلي قدر ما اهتممنا بما نكتب و نعبر به عن أنفسنا
لست وحدي من عرفت غادة منذ أربع سنوات.. كنا كثر و اتفقنا جميعا على خفة دمها و حضورها في الكتابة
اختارت غادة موضوعا شخصيا لمدونتها و كتبت في بروفايلها التالي

أمثل 15 مليون بنت من سن 25 إلى سن 35 و اللي بيضغط عليهم المجتمع كل يوم عشان يتجوزوا..مع إنه مش بأيديهم إنهم لسه قاعدين

كان الموضوع الذي تناولته غادة جريئا  و مشروعا فهي تتحدث عن رغبة مشروعة جدا و طبيعية و تعبر عنها بصراحة في مجتمع يقيس الأمور بمنظوره المتعارف عليه لا بمنظور طبيعية الأشياء لكن غادة صرحت بطبيعية و ثقة برغبتها التي تشاركها فيها البشرية بأكملها في الزواج و الاستقرار و طرحت الموضوع من واقع تجربتها و تناولته بخفة دم ملاحظة و سخرية دائمة .. لم تحك عن تجربتها من منظور شخصي فلسفي .. فقط سخرت منه و من عرسانها و من المجتمع الضاغط
و نجحت المدونة نجاحا لاحظه الجميع
ففي النهاية كان يجب أن تدخل عند غادة كي تبتسم
تحولت المدونة كما يعرف الجميع إلى كتاب ووفقها الله أن يترجم هذا الكتاب لعدة لغات
ثم تحول إلى مسلسل

و خرج المسلسل بين معجبين به و معرضين عنه .. و يجب أن نتفق أولا أن لكل شيء أكثر من منظور واحد.. و أن الحكم على أي عمل يعد حكم نسبي فالأذواق تختلف في النهاية
و أن خطوة تحويل كتاب لعمل مرئي خطوة كبيرة .. تخطو فيها بقدميك داخل الميزان
ففي النهاية الكتابة يتحكم بها عاملين فقط الكاتب و المتلقي  بينما يتحكم بالعمل المرئي عوامل عدة .. عوامل لا يستطيع الكاتب التحكم بها و يتحول الأمر من مجرد منظوره الشخصي و ما فعله خياله بالورق إلى أكثر من منظور لأكثر من شخص .. و هنا غالبا تبدأ الأمور في الخروج عن يد الكاتب

و كي اتحدث عن هذا المسلسل يجب أن ابدأ بالتحدث عن الكاتب.. يجب الفصل بين غادة عبد العال  في المدونة و غادة عبد العال في المسلسل ... ففي المدونة كان هدف غادة شرح وجهة نظر جريئة جدا .. و شخصية جدا .. عن فتاة عادية مثل كل الفتيات من اسرة عادية مثل كثير من الأسر.. فتاة من بلد خارج القاهرة و الاسكندرية كما وصفت هي في اول بوست لها.. تتقيد بتقاليد و أعراف و رجل ينظر للفتاه التي تخرج معه قبل الخطوبة على أنها مستهترة و هو يريد فتاة خام


فتاة تنتظر عدلها في بيت أهلها كما يقولون .. و عندما تنتظر تكون عرضة لكثير من المواقف .. فهذا الآتي هو مجهول و المجهول يحمل في طياته كل ما يمكن أن يكون


و ما يمكن أن يكون هذا بالذات استطاعت غادة التعبير عنه بشكل ساخر غير مسبوق جعلنا جميعا نتابع حكاوي عرسان الغفلة واحد تلو الآخر


غادة في المسلسل .. تعمدت أو دفعها فريق العمل ككل للاهتمام بالكوميديا قبل أي شيء آخر



و حاول رامي إمام تقديم تلك الكوميديا الحادة .. كوميديا الفانتازيا الساخرة الشبيهة بتلك التي قدمتها بعض المسلسلات الأمريكية مثل
Scrubs
حيث لا تعتمد الكوميديا على الموقف أو الحوار فقط .. بل تمتد لتصوير أفكار و خيالات الأبطال بطريقة خيالية أو سريالية بحتة بهدف الإضحاك
مثل أن يحدث البطل الجمهور أو يسرح في تخيالاته للحظة تقف فيها الأحداث توقفا مؤقتا .. .. للبعض بدا هذا النوع من الكوميديا مفتعلا و مستفزا و خصوصا أن " هند صبري" في الأصل ممثلة تراجيديا و ليست بممثلة كوميديا ...بينما استهوى البعض الآخر هذا النوع من الكوميديا ووجده مختلفا و ممتعا


بالنسبة لي وجدت أن " هند صبري" حاولت بذل مجهود
و المسلسل ككل بذل فيه مجهود و تكلف الكثير
لكن على المستوى الشخصي لم يستهويني فكرة أن يضيع الهدف الأساسي للكاتبة وسط الفانتازيا .. فتبدو بطلة القصة كفتاة مسروعة على الجواز .. بأي طريقة .. و هذا هو هدفها و هدف كل من حولها و في سبيله من الممكن فعل أي شيء


تلك الصورة المبالغ فيها .. تناسبت و المسلسل الكوميدي كوميديا الفانتازيا الخيالية لكنه لم يتناسب مع غادة  العال التي تمثل  15 مليون بنت...


فتحول المسلسل من " عايزة أتجوز " إلى " عايزة أتجوز باي طريقة"
لكن كما قلنا قبلا  أمر صعب للغاية أن تحول عملك المكتوب إلى عمل مرئي .. لأن العوامل المتحكمة في هذا العمل المرئي عدة .. بينما كتابك هو كتابك انت و فكرك أنت و كلماتك انت

أثناء عرض المسلسل و بعده .. اختلفت الأراء حوله و أنا أرى في هذا نجاحا .. و إفادة قصوى لغادة .. إن استطاعت أن تنظر للنقد بحيادية .. فليس كل ممتدح صادق و ليس كل ذام غيور... أعتقد أنه في تلك المرحلة في حياة غادة بإمكانها أن تغربل الأراء المحيطة و تتفهم و تتبين ما يفيد مما يضر
كل ما أتمناه لها بالعمل القادم أنى تستطيع أن توازن بين الفكرة الجادة و الكوميديا الساخرة

 و أن ينجح عملها القادم نجاحا أكبر

ففي النهاية قليلات هن من يكتبن للكوميديا بمصر .. و ما وصلت لها غادة .. كفتاة عادية و سط ملايين الفتيات المصريات هو أمر باعث للإحترام .. ففي النهاية النجاح شيء جميل يمتع الفنان و المتلقي .. و الأهم أنه شيء يدعو للأمل .. فتلك الفتاة لم تملك سوى موهبتها .. و موهبتها كانت و لم تزل تكفي.. و الذكاء مع الموهبة يغنيك عن الكثير و يجعلك كل ما خطوت داخل الميزان أكثر قدرة على إحداث التوازن المطلوب .. كي تظل متأرجحا ذلك التأرجح اللطيف للنجاح .. دون أن تهوى كفة لترتفع كفة أخرى..


5 comments

محمد عبد الغفار said...

سواء اتفقنا او اخلتفنا على ما قدمته غاده فى المدونه او الكتاب فوصول هذا لذاك ثم الى مسلسل فى النهايه يعد نجاح ساحق لغاده

اما المسلسل فشل او نجح عبر عن الكتاب او لم يعبر فلا علاقة لغاده بذلك مطلقاً

بالنسبه لى انا مثلاُ ومن غير متفرج مسلسل اخراج رامى امام وتمثيل هند صبرى لو كاتبه احسان ونجيب والسباعى مع بعض فسأعتبره افشل مسلسل فى العالم

iHibo said...

مشروع تحويل مدونة الى كثاب ثم الى مسلسل هو نجاح للمدون عامتا
فالمدون لازال لم تعطه القيمة المثلى

قفزة نوعية الاحظها الان
سلام

Anonymous said...

مصر فى مهب الريح

فى خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع.

1- الانفجار السكانى .. وكيف أنها خدعة فيقولون أننا نتكاثر ولايوجد حل وأنها مشكلة مستعصية عن الحل.
2- مشكلة الدخل القومى .. وكيف يسرقونه ويدعون أن هناك عجزا ولاأمل من خروجنا من مشكلة الديون .
3- مشكلة تعمير مصر والتى يعيش سكانها على 4% من مساحتها.
4 – العدالة الاجتماعية .. وأطفال الشوارع والذين يملكون كل شىء .
5 – ضرورة الاتحاد مع السودان لتوفير الغذاء وحماية الأمن القومى المصرى.
6 – رئيس مصر القادم .. شروطه ومواصفاته حتى ترجع مصر الى عهدها السابق كدولة لها وزن اقليمى عربيا وافريقيا.

لمزيد من التفاصيل أذهب إلى مقالات ثقافة الهزيمة بالرابط التالى
www.ouregypt.us

خمسة فضفضة said...

عندك حق يا فريده فالمسلسل فعلا لم يكن يعبر عن المدونه ولا الكتاب 100%

حلقات كتير تم حشوها بحاجات مالهاش لازمه بوخت الحلقه مع ان هي نفس الحكايه في الكتاب او المدونه ممتعه ومضحكه اكتر

يمكن عشان يقدروا يعرضوها بشكل مرئ كان لازم من الحشو ده يمكن ؟؟
بعض الحلقات كان الحشو ده اوفر زياااده اوي مثلا حلقة احمد السقا وحلقة كيف تصطادين عريسا وغيرهم

هند صبري ماحستهاش غاده خالص ولا حستها بتعبر عن ال 15 مليون بنت اللي غاده قالت انها بتمثلهم

بس نرجع ونقول انه مجرد اختيار المدونه عشان تبقي كتاب ثم مسلسل فاده يحسب لغاده طبعا
واكيد في المرات الجايه هاتكون اكثر احترافيه من التجربه الاولي

عارفه فكرت فحاجه يمكن عشان احنا قرينا المدونه ومن بعدها الكتاب هو ده راينا
لان ناس كتير اوي عجبهم المسلسل جدا ومحسوش بكل الكلام اللي انا بقوله ده وكان المسلسل بالنسه لهم هو اجمل عمل رمضاني

يا مراكبي said...

نقد متميز للغاية

وأنا أتفق معك في سعادتنا بنجاح غادة - وهي زميلة تدوين قديمة - لهذه الدرجة التي وصلت فيها بالمدوّنَة إلى تلك المرحلة المتقدمة في شكل عمل تليفزيوني

لكن بالفعل كان المسلسل فيه مبالغة وكما ذكرتِ: فتحول المسلسل من " عايزة أتجوز " إلى " عايزة أتجوز باي طريقة"

وهو ما عابه الكثيرون عن المسلسل .. ربما هي آفة الإنتاج التليفزيوني ومتطلبات التوزيع

Professional Blog Designs by pipdig