مدونة حكايات فريدة

شجرة الخلد




أحد الكتب المقرر علي قراءتها كتاب
THE IMMORTAL LIFE OF HENRIETTA LACKS
Author : rebecca Skloot 
" الحياة الخالدة لهنريتا لاكس"

يحكي الكتاب عن امرأة تدعى هنريتا في عام 1951 أصيبت بسرطان عنق الرحم و عندما لاحظ طبيبها أن العينة التي أخذها من خلاياها لا تتوقف عن الانقسام و تظل حية !
على عكس أي خلايا أخرى تجمع من أي بشري , لها عمر افتراضي عدة أيام

استخدمت خلايا هنريتا في أبحاث علمية

و لم تزل تلك الخلايا موجودة حتى الآن , رغم رحيل صاحبتها في نفس العام الذي اكتشفت فيه المرض!

تلك الخلايا التي لم تتوقف عن الانقسام , تم إرسالها إلى معامل عبر البلاد في الولايات المتحدة و كانت هي ما ساعدت العلماء في أبحاث طبية هامة جدا و خصوصا فيما يتعلق بالايدز و السرطان.

يحكي الكتاب عن حياة تلك المرأة نفسها و عن عائلتها التي اكتشفت في السبعينات أن خلايا والدتهم لم تزل حية و استخدمت دون علمهم.

خلايا هنريتا ظاهرة استثنائية , فالخلود الذي كان مميزا لها , هو ما يسعى إليه الأحياء.

و في عاطفية تصف الكاتبة كون هنريتا لم تزل حية طالما جزء منها لم يزل حيا و ينقسم ,و أن ما خلفته ورائها عاش أطول مما عاشت هي فلقد ماتت في الثلاثين من عمرها.

لم أنه قراءة الكتاب بعد لكن وددت الإشارة له

و دفعني  عنوانه طبعا للتفكر في الخلود في حد ذاته , الذي كان المطمع فيه أول غواية غوى بها إبليس آدم.

و الفكرة نفسها , أن يكون ما نتركه امتدادا لنا و كأننا بهذا نتمسح في عتبات الخلود الذي لن نصل له أبدا.

فأولادنا هم في الأصل امتداد لنا , و المثل الشعبي المعروف القائل " اللي خلف ما متش"
يعتبر الولد مثله مثل خلايا هنريتا , شيئا حيا بقى جزءا من جسدا راحلا.

و ليس الأولاد وحدهم , منتهى صور رغبتنا في الخلود , تظل كثير من أعمالنا و أفعالنا باقية بعد رحيلنا , شاهدة لتعيد ذكرانا فكأننا نحيا من جديد في لحظة التذكر.

لكن في واقع الأمر وهم الخلود الذي يدفعنا لمقاومة الزمن , و يدفع العلم ناحية الأبحاث التي لا تنتهي حول ما قد يجعلنا  نبدو أصغر , أو ما قد يطيل أعمارنا أكثر , أو أن نحتفظ بأمشاجنا مجمدة , كي تعاود الانقسام في أرحام أخرى.

كل تلك الصور المحرفة للهاث وراء الغواية الأولى , هي أمر طبيعي لنا كبشر.

فها نحن ذا في الدنيا رغما عن إرادتنا عالمين بأننا سنموت رغما عنا أيضا , فإن كان ما بين الميلاد و الموت عبث , كيف لعقولنا أن تتقبل هذا؟

فنسعى كي نخلف ورائنا ما قد يجعل للحياة معنى , و سواء كانت أعظم إنجازاتنا كشف علمي يفيد البشرية كلها أم مجرد ولد يرث أغلب صفاتنا , نظل نحاول على اختلاف قدراتنا و منظورنا للحياة ترك بعض منا بالدنيا التي ستفنى بدورها يوما ما , لكن فنائنا نحن أقرب.

اللطيف أن العلم أثبت أنه لا بشري مثل الآخر حتى لو كان صورة طبق الأصل منه شكلا.

 حدث هذا عندما أدرك الإنسان أن الاختلاف الذي هو الصفة الغالبة لإبداع الله عز و جل في خلقه لم تتمثل فقط فيما يرى حوله من نباتات و حيوانات لم يزل يدرس تصنيفاتها على اختلافها , لكنه في الأصل موجود به نفسه فلكل إنسان بصمة وراثية لا تتكرر مع آخر على لا نهائية عددنا عبر القرون.

إنك في الأصل كيانا قد لا يحمل صفة الخلود لكنه قطعا يحمل صفة التميز , بصورة معجزة , تجعلك تتساءل عما لم تستطع أن تأخذ منه عينة لدراسته.

" الروح "

هل هي خالدة بالبعث كما يؤمن المؤمنون ؟ أم أين تذهب  ؟

في الديانة الهندوسية معتقد أن الروح تنتقل من الجسد بعد رحيله لجسد آخر و في ذلك المعتقد اجتهاد عقلي للإجابة عن سؤال حول طلسم أراده الله أن يظل من أمره لا نعرف عنه نحن شيئا.

و في كتابتنا الخيالية و أساطيرنا القديمة كبشر , حكايات متعددة عن  بشر تحدوا الموت و وقفوا على سر الخلود و هي انعكاس لرغبتنا الدفينة كبشر في البقاء اللانهائي.

لا شجرة نأكل ثمرها ستجعل تلك الخلايا التي تنقسم رغما عن إراتنا و تذوى رغما عن إراتنا , خالدة.

لكن بعض من خلايا رحم امرأة ظلت تنقسم فمكنت العلم من البحث.

لأنه في الأصل تلك هي المعضلة , لا كيف نجعلها تنقسم, و لكن كيف تظل حية ؟

كيف نمنع ما نسميه في معتقدنا الديني "الروح" من أن تتسلل تاركة  ما ورائها للفناء مهما كانت الصور الزائفة لخلوده.

تظل الروح هي السر الأعظم و كامرأة تهوى الكتابة عن الأرواح في الأصل , و تعيش اليوم في قارة توصف على أكثر ما توصف بتنوع الجنسيات التي تحيا على أرضها , أظل أتطلع حولي لا لأشكالهم و لا لغاتهم و لكن لأرواحهم و أبتسم فللأرواح ملامح تتشابه مع مثيلاتها لكن في ظني مثلها مثل الجسد لها بصمة فريدة لا تتكرر مهما تقاربت درجة التشابه.


..........................................
الموقع الرسمي للكاتبة و الكتاب
الكتاب حقق أفضل مبيعات في عام 2010 



7 comments

candy said...

!
أول مرة اسمع الموضوع دا

ديدي said...

تحليل رائع لفكرة الخلود والأرواح
أستمتع جداً بقراءة مدونتك لعمق أفكارك وعبقرية تحليلك للأمور
ربنا يحفظك في غربتك ويهونها عليك
موفقة إن شاء الله

محمد عبد الغفار said...

وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ - الأنبياء ايه 34

وعمل ابن ادم "وزكره بالتالى" ينقطع الا من ولد داع وصدقه تجرى وعلم ينتفع به

اما الأرواح فهى تشترك فى نفس المخاوف والرغبات مهما بعدت واختلفت

Amira Elsherbiny said...

كاندي

معلومة جديدة
هذا حسن

:)

Amira Elsherbiny said...

ديدي

أشكرك جدا
تحياتي

Amira Elsherbiny said...

محمد عبد الغفار

صدق الله العظيم

حسن ارابيسك said...

سيدتي الجميلة
الحقيقة دائماً أسلوبك وطريقة تناولك وجمال مفرداتك ولغتك تبهرني أكثر من الموضوع ذاته
مع تحياتي
حسن أرابيسك

Professional Blog Designs by pipdig