مدونة حكايات فريدة

مجرد امرأة







 تنزل درجة من عليائك
و تعترف ببساطة أنك حزين
لأنك فقدتها

عندها يتسارع كبريائك, ليبرر
 أنه هناك بالحياة أسباب متعددة للحزن
و أن البشر أوغاد 

و أن كل الأشياء تفقد معناها
في حضرة زهد اليائسين 

لن تتفوه, لنا , بما تعرف
أنك فقدتها رغما عن انفك
لا باختيارك كما بدت الأحداث

 أنت لم تزل تماطل
 لم تزل تحاول جعل الحزن يبدو أكثر شاعرية

التائهون مدمنون للحزن
كالإغريق يجعلون للشجن معنى
كأنه يجب أن يعاش

أنت تتنفس و تتكلم و تعيش بحزنك 
ثم تأتي لحظة تباغتك فيها ذكراها,دون مبرر
رغم حضور كل المبرارات

 تعرف أنك إن سمعت صوتها
 هذا الذي لم تشرح لأحدنا أبدا سر تأثيره
أو رأيت لمعة عيناها , تلك التي تنبض بكل شيء
ستعود , إلى الوقت الذي كنت تلمح فيه الساعات
مع امرأة خارج حدود التوقيت

منذ رحلت , عادت الساعات , ساعات
منذ رحلت , و كل شيء موجود , لكن ينقص شيئا ما
منذ رحلت , صارت الأفعال مجرد أمور حتمية
تجب على البشر
و أنت بشري , بل أنت أكثر من مجرد بشري
أنت الرجل الذي يعرف كل شيء

تعرف أنها ستغار عليك إن رأتك مع أخرى
بينما أنت ستكون حكيما بالقدر الكافي
 عندها ستتعامل مع الموقف بنبل الفرسان
يجب أن يصير الأمر كذلك
 هذا ما تصدقه, هذا ما تعيشه
فهي لم تجبرك على الترجل عن الفرس
لم تجردك من كبريائك و تجبرك على مواجهة نفسك
فقط رحلت و تركت لك الساعات, ساعات

 أنت تخبرنا عنها ,أحيانا
لحظتها تستحضر يقينا واهيا
كي تخبرنا ,أنها تتحمل جانبا من المسألة
ثم تحكي لنا عن الحتمية

لكنك لا تخبرنا  أبدا, عن سرها , عن حضورها
تقول أنها جميلة , تقولها كأنه أمر مسلم به
كأنك تؤكد أن الكثيرات جميلات , مثلها

 لكنك لا تخبر عن كل الأشياء الأخرى
فقط تخبرنا , أحيانا أنك حزين
لأن البشر أوغاد
لأن الحياة تفقد في بعض الوقت معناها
ثم تشير إلى أجساد مخوخة حولك
و كأنك تستشهد
أنك لست الوحيد

 عشت عمرك تحاول أن تثبت أنك غير الجميع
و لم تثبت شيئا , بعد

لكن عندما يأتي ذكرها
 يعود كبريائك للحديث
تخبرنا أنها أحبتك
و أنت الآخر , لكن حدث ما وجب

هي تتحمل جانبا من المسألة
الظروف تتحمل جانبا آخر
و أنت ,لم تملك الكثير 
اللوم يقع على مجريات الأمور

ثم تخبرنا أن العمر يجري
أن الشعيرات الفضية تذكرك بوقت اللهو
و تشير للمخوخين مستشهدا

 تتجنب الإشارة إلى قلبك أنت
تتجنب التساؤل عن قلبها هي

 إن أتى ذكرها
تخبرنا, أحيانا عن الحتمية
عن غدك و عن غدها
هي ستصير كما تتوقع لها, تماما
لم تزل ترسم مستقبلها في خيالك
بعد انفصالكما 
فأنت الذي يعرف كل شيء

و أنت تعرفها , تعرف ماضيها و مستقبلها
 لا يسألك أحدنا إن كان ما تعرفه حقيقة
فنحن لم نعرفها
 نحن نسمع عنها , منك
نرى صورة لها , تجعل للاسم مرأى
امرأة عادية ,  أمر مسلم به أنها جميلة
مثل كثيرات, لكننا لا نحكي عنها
نقرن اسمها باسمك, أحيانا
فهذا أصدق ما نعرفه
 أنها مجرد امرأة, بحياتك
و كل منا له حكايات

..................................

painting for
Federico Barocci

3 comments

حسن ارابيسك said...

الحقيقة مدخل القصيدة قوي جداً
صوب الهدف لم ينحرف يميناَ أو يساراً ، فوق أو تحت، لذلك وصل معنى القصيدة سريعاً ولم يمهلنا شيئ من التدرج لمعرفة لب القصيد

تنزل درجة من عليائك و تعترف ببساطة أنك حزين لأنك فقدتها
عندها يتسارع كبريائك, ليبرر أنه هناك بالحياة أسباب متعددة للحزن و أن البشر أوغاد و أن كل الأشياء تفقد معناها في حضرة زهد اليائسين !
لن تتفوه, لنا , بما تعرف أنك فقدتها رغما عن انفك لا باختيارك كما بدت الأحد

أما ما تلى ذلك المدخل القوي والرائع فهي التفاصيل التي كما يقول المثل الضرب في الميت حرام ليس لنا بالطبع كقراء ولكن لهذا الذي نزل درجة من علياه في قصيدتك

هناك فقط جملة غير مريحة منطقياً وهي

أنت تتنفس و تتكلم و تعيش بحزنك ثم تأتي لحظة تباغتك فيها ذكراها

وجود الحزن في حياته بهذها الوصف الوصف الذي شبهتيه بالتنفس يعني بالتأكيد وبلا شك وجود ذكراها الدائم أمامه وداخله،
اذن جملتك التالية
ثم تأتي لحظة تباغتك فيها ذكراها
تهدم وجود الحزن في حياته كالتنفس وهو كنايه عن ذكراها القائم امامه ولم يغيب عنه

لكن بالطبع ما اشرت اليه لم يفسد القصيدة في شيئ فالقصيدة في الحقيقة كتبت بعناية فائقة وكل جملة تعرف خطاها ومكانها في في تدوينتك الرائعة
تحياتي
حسن ارابيسك

Amira Elsherbiny said...
This comment has been removed by the author.
Amira Elsherbiny said...

لو أنك تعرف ما يفعله عمى القلب
لما تعجبت تشبيه الحزن مع مباغتة الذكرى

أعمى القلب لا يعمي عن قلوب الآخرين
إنه يعمي في البدء عن قلبه هو

و هنا تكمن عدالة القدر

في ظني

إنه بورتريه لرجل ينكر حتى داخليا
و لذا كتبت ساخرة من مباغتة الذكرى معقبة بقولي

رغم حضور كل المبرارات

إنه يرجع الحزن لكل الأسباب الأخرى
كيلا يعترف و لو لنفسه

لو اعترف لنفسه
لصار بورتريه مرثية رجل لامرأة

Professional Blog Designs by pipdig