مدونة حكايات فريدة

غيب





إنها تظن بقلبها أن هناك خطب ما
هناك ما يعكر صفوه, بهذه الأيام
تذكر  " الجد" و تسرح في نافذة الشباك المواجهة
ثم تنفض أفكارها و تعود لما تفعل

تغسل الصحن و تسرح قليلا في الماء الجاري
 تجفف كفيها ,تمسك الهاتف 
   لكن لا يطاوعها الخوف
تهز رأسها نافية للفكرة
كفى أذى

لكنها تعرف بقلبها أن هناك خطب ما , عنده
يغلي القدر , تصب الماء و تأخذ فنجانها و كتابها
و تزفر , و تفكر, إنه على ما يرام
إنه على ما يرام , و إن خسر عزيزا , و إن خسر أي شيء

قلقها وهم و بعدهما واقع
لا يوجد بينهما خيط واحد , لا يوجد بينهما و لو شخص واحد
لم يختف من حياتها أبدا شخص ما , هكذا , دون أدنى شبهة وصل !

كلهم يدورون في دوائرها , كلهم موجودون و لو بين الأحاديث
كلهم تأتيها أخبارهم , برضاها و رغما عنها
إلا هو
 لقد صار غيب مطلق , صار كأنه لم يكن

لم يكن بجانبها يوم كانت بين الحياة و الموت, قريبا
و لن تكون بجانبه هي اليوم
لن يجد من يربت على كفه مثلما لم تجد هي من يحتضنها

إنها تشرب قهوتها بهدوء و هو , لا يعرف عنها شيء
تسرح بعينيها في ملامحه التي لا تبهت
و تذكر شيئا ما و تبتسم
كل شيء عدا شيء واحد ؟!
بل هما بالواقع شيئان, إن صح العد !

تبتسم عيناها للرؤية و تتنهد
 كلهم يبحثون عن أنفسهم بعينيها
 و هو يبحث عنهم جميعا
و لا يعرف هو شيئا و لن يعرف أبدا


3 comments

حسن ارابيسك said...

الله .. الله
أعجبني جداً في هذا المشهد المزج والقطع بين الاحساس وبين الفعل بحرفية لغوية وسينمائية جميلة، وتنقلك السهل السلس بين احساسك بقلبك في حينه وبين الفعل المضارع في آن واحد
من غسيل الصحون والماء الجاري وغلي القدر وتأخذ كتابها وفنجانها
الحقيقة المشهد سيناريستي من الدرجة الأولى الحقيقة لاحظت بداياتك كلها قوية جداً وواضحة وصريحة ومكتملة
تحياتي
حسن ارابيسك

Amira Elsherbiny said...

أشكرك بشدة

كلماتك تسعدني
حقا

و نقدك فائدة حقيقية
أشكرك للاشارة إلى ما لم يعجبك

تعرف ككاتب أن هذا هو ما يهم
أن تلك هي الإضاءة الإضافية كي يرى الرسام اللوحة بعين غيره لا بعينه هو

أكرر شكري و تحياتي

حسن ارابيسك said...

فريدة
بعد مساء الخير
أولاً أشكرك على تواصلك الأدبي المعرفي الجميل
ثانياً الحقيقة أختلف معكِ كلياً فأنا لم أشر على الأطلاق بشكل غير مباشر أو مباشر أن هناك شيئاً لم يعجبني هذا بعيد تماماً عن تعليقي
وسأوضح لكِ وساضرب لكِ مثلاً كمان ليطمئن قلبك

أولا ما أقصده بأن معظم بدايات تدويناتك كلها قوية وواضحة وصريحه ومكتملة
فهي تعني بالنسبة لي أن ماشاء الله افتتاحيات تدويناتك لأي موضوع أدبي كلها بدايات قوية وهذا معناه انه ذكاء من المؤلفة فيشدنا العمل من بداياته ونعرف أننا أمام عمل قيم وشديد الثراء والتميز وذلك بالطبع يشدنا للعمل أن نظل معه للنهاية بوعي شديد ودون ملل

وذكر جمال البدايات لديكِ ليس معناه ان ما تلاها ضعيف المستوى لا بل على العكس
فهل عندما نقول مثلا ما اعتادنا عليه كمصريين العيد الكبير والعيد الصغير
فهل عندما نذكر العيد الكبير بالصفة التي اطلقناها عليه الكبير هل هذا يعني ان العيد الصغير أقل شأناً لا بالطبع

وهناك مثال أخر لي
كثير منا يستشعر عند مشاهدة فيلم ما بمستواه من بداياته
فلو الفيلم ضعيف في بدايته وممل لقمنا من أمامه، ولو مشوق من بدايته لشدنا اليه ولا نبرح وقتها أماكننا ونستيقن انه فيلم بدايته تدلل على قيمته ومستواه الفني

أخيرا ارجو الا اكون قد اثقلت عليكِ
ومرة أخرى أنتٍ تكتبين بشكل رائع من أول كلمة حتى النقطة الأخيرة في تدوينتك

أقولها عن حق
وتحياتي
حسن أرابيسك

Professional Blog Designs by pipdig