مدونة حكايات فريدة

يوم رأيتك





كل شيء قبلها كان تهيئة للحظة دخولها, كأنها هي كل إجابات أسئلة عمري الحائر , لن أنسى المرة الأولى و هي ترتقي الدرج بهدوء و تبزغ كشمس , جعلت كل الحضور يلتفتون إليها

في تلك اللحظة أدركت, معنى رهافة الحواس عندما تخبر عن ما لم يقع بعد , عندما تعرف بقلبك أن شيئا ما سيحدث .

و لقد حدث , كيف حدث؟

العشق ليس هو الإجابة و لا العمر الذي قررت أن أقضيه معها و بدأت بالفعل في وهبه لها قبل أن أرتدي خاتمها.

لقد قايضت كل العذابات ببهجة وجودها , تجنبت غصة القلب عندما نعمت بالحياة بجوارها , هل يجب أن نصل للجفاف قبل أن نرتشف الماء؟ يوم استطعت القبض عليها ارتشفتها على نهم أحيانا و على مهل في أحيان أخرى و لم أفلتها أبدا

لقد تجنبت أن تزورني طيفا في المنام يقض مضجعي و لو على ذراعي وجنة امرأة أخرى, لقد تجنبت عذاب تطلعي لها من بعيد هي تبتسم واقفة في حضور يشد المحيط و بين عينيها لا مبالاة من لا يرى أحدا, لقد تجنبت محاولة اجتناب عدم منطقية الانجراف ناحيتها
 كنت أخبرها و تضحك غير مصدقة ما أقول أنها المرأة الوحيدة التي بإمكانها إثارة الرغبة في كل ما رأيتها, أو سمعت صوتها .

"لماذا؟"

كانت تسأل بسخرية , فأخبرها ممازحا أن المعدن المسكين لا يدرك قبل ارتطامه بالمغناطيس أسباب ما يحدث , فتضحك أكثر

لكن في عيونها أحيانا, عندما تحزن , و بين شفاهها الصغيرة و رأسها متوسد صدري , كانت تسألني  عن "لماذا ؟" أخرى.

"لقد قررت أن أكون سعيدا "

هكذا كنت أجيب سؤالها, عندما يتسلل إليها الحزن فتتشكك و تسأل.

و هي جالسة على قدمي ليلة أمس كطفلة صغيرة , تحيط عنقي بذراعيها و تحكي لي بانفعال كعادتها, عما كانت تحكي , لاحظت  لأول مرة أن الشعيرات البيضاء قد زادت , و أننا بالفعل قد كبرنا  كما كنت أردد لها و نحن نتشاجر صباحا, لكنها لم تزل كما هي , بنفس البهاء الذي أبصرته عندما رأيتها لأول مرة و هي ترتقي الدرج بهدوء و ثقة .

قبلت طرف أنفها فتوقفت عن الكلام و ضحكت, ثم سندت رأسها على كتفي بصمت و هدوء و همست

" لو أن أحدا أخبرني منذ سنوات أنني سأعيش مع رجل أحبه في كل مرحلة في حياتي بشكل مختلف كما أحببتك, لما صدقت ! أحيانا أتساءل كيف لم أبصرك بالحفل, في ذلك اليوم ؟"

" لأن كل منا كان مع آخر, لم يكن هذا هو الوقت المناسب, و أنا لم أبصرك حبيبة في البداية,لأنه لم يكن منطقيا لكني أبصرت حقيقة غيرت كل شيء "

" ما هي تلك الحقيقة؟"

" أن ما أملكه أنا,أنت أحق به من أي شخص آخر , و أن ما تملكينه أنت لا يجوز لسواي , عندما اخترتك أنت لم اختر فقط ما أريد , لقد اخترت ما لم أرد وقوعه أيضا "

" و ما هو ما لم ترد وقوعه ؟"

" أن أكون اليوم في ذلك الليل البارد ,مجرد عجوز يجلس على مكتب يراجع أوراقه في هدوء و امرأته مشغولة عنه بشيء ما , , بدلا من أن أكون معشوقا  كشاب فتي لدرجة الغيرة الغير منطقية, تلك الغيرة التي التي جعلتك تتشاجرين معي صباحا لتجلسين على قدمي و تصالحيني الآن بغنجك الذي لم يتغير.
 يوم رأيتك, كانت حياة كل منا بدون الآخر, و لقد عرفت معنى الحياة بدونك و هو ما جعلني أعرف أني أريد الحياة معك"

" كل ما أذكر ذلك اليوم, كم كنت تعيسة, يائسة أخفي أثر دمع الليلة السابقة بمستحضرات تجميل باهتة اللون و ابتسامة مصطنعة, و أنت على بعد خطوات مني , و حياة كاملة معك على بعد سنوات , و عمر آخر , لكني لم أرك!!"

بإبهامي داعبت وجنتها كما  أفعل دوما
" أنا رأيتك و هذا هو الأهم"

كل شيء كان قبلها كان من أجل أن اعرف ,  أن اختيارنا لتجنب التعاسة جزء من اختيار السعادة, سنوات فصلت بين رؤيتها لأول مرة ببهائها الذي لا تخطئه العين و بين يوم ركعت هي أمامي  و هي تضحك بجذل و نشوة قائلة  " تزوجني, لن تتزوج غيري و لو رغما عنك" قالتها و هي ممسكة بكفي و عيونها اللامعة تتوعدني بالشقاء إن مر بخاطري أن أكون مع غيرها

لم تزل تغار علي و تتشاجر معي , و لم تزل لا تصدقني عندما أخبرها , أن مجرد حضورها  لم يزل يثير في كل الرغبات , فتغضب أكثر و تتهمني أني أخدعها بمعسول الكلام, و ربما لن تصدق أبدا أو تعرف فدائما ما سبقتها أنا إلى المعرفة مثلما سبقتها قبلا , عندما رأيتها و أدركت أن شيئا ما سيحدث 
و لزم الأمر سنوات بين رؤيتي أنا لها و بين التفاتها لي كي تبصرني.

3 comments

Unknown said...

فكرتيني بنفسي زمان كنت بعرف احس الاحاسيس دي دلوقتي كله مااااااااااااات

Noha Abdel-Tawab said...

Can't wait to read it all in shaa Allah :)

Amazingly written ya Amira <3

Thank you :)

يا مراكبي said...

حدث لي هذا بالفعل

قطعة فنية رائعة

أبدعتِ

I am speachless

Professional Blog Designs by pipdig