مدونة حكايات فريدة

من الرواية


 

أعادتني "سيلفي" أيامها للورق محاولة أن أحكي له ما أعرف، رغم أني لم أكن قد عدلت عن قرار عدم النشر، وقد كنت قبل تلك الفترة بحياتي لا أجد صعوبة في التعبير عن نفسي بالكتابة، على العكس، كنت أردّد لمن حولي دائما تلك العبارة التي ذكّرتني "سلمى" بها، وهي "أنني أكتب حتى وأنا لا أكتب!"، لكن ومن قبل هجره لي فقدت القدرة على الكتابة، أو ربما الرغبة في التعبير عن نفسي بها! كانت المشاعر التي شعرت بها معه لا توصيف لها بالنسبة لي، أو ربما تشكيكه الدائم لي جعلني أخشى تلك المبالغة التي تكتسي الكلمات عندما نصف المشاعر، فآثرت الصمت.
لكنني عدت رويدا، عندما رأيت صورة "سيلفي" الشابة العشرينية المرحة التي كانت تعشق السفر، وقابلت حب عمرها في أثنائه، وانتهى بها المطاف في بلد شرقي بعيد من أجله.
تطلّعت إلى صورتها، وأنا أحاول رسم حكايتها، وساءلت نفسي عن مصير حكايتي أنا، المسافرة قريبا بعيدا عن وطني، هاربة من وحدة إلى وحدة أشمل، باحثة عن قبس من نور ليدفئ أيامي، وتذكرت أني قلت له يوما إنني مرتحلة ولم يصدّقني.
المرتحل لا وطن له، كل أرض هي مفترق طرق من أجل ارتحال آخر، الغربة أسر والسراب وهم، والظمأ على طول الطريق.
أما الحُرّ فيحمل داخله بيتا وتحت قدميه وطنا وبين عينيه رسالة، وفي قلبه إيمان، الحُرّ جذر ضارب في عمق الأرض، وأنا وقتها لم أكن حرة بعد، والأسياد أكثر من أن نذكرهم جميعا، ولقد توهمت أن التحرر من المسئولية تجاه آخر هو ما جعلني مرتحلة، لكني لم أكن قد فهمت  بعدُ معنى الحرية.
فقد كنت لم أزل وقتها أسيرة، ولم يكن قرارا هينا على نفسي أن أتراجع عن نشر الكتاب بعدما أنهيته وراجعت أكثر من نصفه، لكني وقتها كنت أشك في أهم شيء، ألا وهو ذاتي، وقد كانت تلك نتيجة حتمية لمرافقة رجل الحياة بالنسبة له "حِسْبة"، بحث فيها دائما عن المعطيات والنتائج، والدوافع في نظره كانت دوما غير بريئة.
بينما كانت الحياة بالنسبة لي قبله مقايضة بسيطة بما هو متاح؛ دافعها الاحتياج، ونتيجتها الرضا.
وقد قايضته بما استطعت فغلبتني معايير حسبته، وبقى لي الشك، فبدت لي الكلمات عبثية وطريقة صياغتي للحكايات صبيانية، وكل الأشياء غير ذات قيمة وبدوت أنا لنفسي في تلك اللحظة سؤال متشكك علقت إجابته بين كل المتناقضات.
لكن "سيلفي" أعادتني للكتابة ولو على استحياء

5 comments

ديدي said...

ألف مبروك يا دوك
أسلوبك ولغتك راقية جداً ، يارب موفقة إن شاء الله

حسن ارابيسك said...

الحقيقة تكفي تلك المقدمة الرائعة عن روايتك لنستعجل أنفسنا بقراءتها ونعلم جيداً من خلال اشارتك تلك أن هناك رواية كُتبت عن وعي وبلغة راقية
تحياتي
حسن أرابيسك

Amira said...

ديدي

الله يبارك فيك
أشكرك جدا
و أتمنى تحوز الإعجاب

:)

Amira said...

حسن أرابيسك

أشكرك
إطرائك يسعدني

أتمنى أن تقرأها كاملة و سيسعدني جدا نقدك

تحياتي

Amira said...

حسن أرابيسك

أشكرك
إطرائك يسعدني

أتمنى أن تقرأها كاملة و سيسعدني جدا نقدك

تحياتي

Professional Blog Designs by pipdig