مدونة حكايات فريدة

السؤال








حل الزهد فتحول القلب. لم تعد الأمنيات هي بلوغ الكلمة أقصى مدى، صار الصمت رفيقا والتمهل رادعا.
والخلوة قد طالت حتى خيل لنا أنا نسينا وصل الحروف.
فقدت الأيام متعتها الأساسية وتحولت الساعات إلى حبات رمل تنساب على عجل بمضيق زجاجي، فينقضي اليوم ليجلب غيره.
الحمد على الحياة واجب، لكن تشابه الساعات محبط.
حل الزهد وأتى بالصمت وأنا لم أعتد الصمت وإن ألفته.
في غمضة عين بلغ العدد عشر سنون. لم أدرك!

للأربعين وقع بالسمع، أمزح "أزمة منتصف العمر"
أكيد. فالعقل يبحث عن نهج جديد وطرق مختلفة.  
مر وقت الخلوة ولم يعد السؤال هو المسألة.

السؤال في الأصل بدعة، خدعة كان من الحكمة تجنبها.
لكن معرفة ذلك يستلزم الوقوع في الفتنة.
الركض في اتجاه السراب وجب لمعرفة الحقيقة، لا شيء هناك! 
وكلما سرت بهذا الاتجاه وخيل لك الوصول، لن تصل!

السؤال خلق معضلة وجوب الإجابة، ضَلَّ الخلق، وتعلق كُلٌّ بوهم سرابه.
نحن لا نفهم سوى ما يتجسد، كلمة كان أم ملموسا نقبض عليه فنطمئن.

غزلنا من الأساطير أثواب طمأنينة، وجعلنا من كل ملموس دليل.  ثم اختلفت الحكايات وجلب النزاع الدم والفساد.
وبحث كل سائل في الأساطير عن الحقيقة أو خلق بإجابته حكايات جديدة.  
لا إجابة تجسد الحقيقة المطلقة ولا ملموس يجلب المعرفة.

التسليم بأنه لا حدود لما نريد أن نرى، وأنه من أجل هذا ستظل الرؤية مستحيلة، هو أصل السكينة.
منذ أيام تأملت البحر في عتمة الليل والسماء كالحة، والمشهد مهيب. المحيط والأفق والسماء نسيج واحد مظلم كثقب أسود ضخم، مخيف وموحي.
يبحث السائل عن النور ليهديه للرؤية بينما أجد أنا في حلكة السواد هذا دلالات النور!

الأمر كبير جدا، والخطيئة الحقيقية كانت في محاولة حصره وشرحه، وجلبت تلك الخطيئة لعنات.
مثلما المحيط والسماء في عتمة الليل، حيث لا وضوح للحدود، للبداية أو النهاية، هكذا هي الإجابات المنشودة.
لزمني وقت طويل كي أدرك وحان وقت العودة من الخلوة.
أنبش بالرمل في ضجر، واستحلف الطمع بالرجوع.
الزهد لن يفضي بنا إلى شيء.
السنوات تنساب على عجل، والعمر ينقضي رغم الحسرة.
والحياة الجديدة لا مفر منها.
لا القديم يناسبنا ولا كان للسؤال داع.
لكن وجب الشتات، دونه ما تحررنا!


14 أبريل 2022

No comments

Professional Blog Designs by pipdig