هل تذكرون أفلام الأربعينات و الخمسينات التي كانت بها كثير من
القيم و الحديث عن الحلال و الحرام و الله و جزائه , من خلال تلك القصص البسيطة ,
و الصدف الغير منطقية غالبا؟
في " حلم عزيز " يعود
" نادر صلاح الدين " في كتابته للحديث صراحة عن القيم الدينية , عن
النار و الجنة , بصورة مباشرة و صريحة لم نعتدها في السينما المصرية منذ فترة
طويلة .
و على غرار أفلام حفظناها في ذاكرتنا , مثل
" عفريتة هانم " أو ربما " طاقية الاخفاء" يعرض هذا الفيلم الفانتازيا , لكن من خلال الولوج إلى عالم
الأحلام.
الفيلم كله يدور حول حلم عزيز
المتكرر و دلالته , و كيف أنه سيفسره أنه سيموت قريبا , فكرة الفيلم في حد ذاتها
لطيفة و إن كانت غير منطقية , و الفيلم لعب على وتر الضمير الإنساني بشكل مس
المتفرجين بالفعل , فأن ترى نار جهنم و الصراط المستقيم و تفكر في الموت هو أمر
يدفعك الفيلم دفعا ناحيته .
و هي تركيبة غريبة , و الأغرب أن
تقدم من خلال طابع كوميدي , لكن ذلك هو القالب الذي اختاره فريق العمل من أجل
تقديم فكرة لا يختلف كثيرون على سموها .
" أحمد عز" الشاب
الوسيم الذي حاول لسنوات إثبات نفسه كممثل على السينمائية , عن طريق تقديم ما هو
مختلف و قد ساعده تعاونه المثمر مع المخرجة " ساندرا نشأت " في بداياته في
تقديم عدة أعمال متميزة لفتت إليه النظر بشكل قوي و جعلته نجم شباك .
لكن في ذاك الفيلم مع المخرج
" عمرو عرفة " بدا أداؤه الفني دون مستواه الحقيقي , لأنه و على ما يبدو
السمة الغالبة على بعض ممثلين السينما مؤخرا هي " الصياح " و" السب
", و هذا ليس بالتعاون الأول بين عرفة و عز , فقبل هذا في فيلم " الشبح
" كان مستوى كلاهما ممتازا , لذا تعد عيوب هذا الفيلم أمرا غير متوقع من
كلاهما!
مؤخرا و لسبب غير معروف بالنسبة
لي كمشاهدة سينمائية دائمة , صار " الصياح " أو الصراخ " هو
الطريقة التي يؤدي بها الممثل طوال الوقت و خصوصا إن كان الفيلم كوميديا !! , و
العنف و السباب " الشتيمة " هما وسائل الإضحاك !
تلك التيمة الفاشلة التي روج
لها في رأيي المتواضع أفلام " السبكية " المليئة بالعنف و الألفاظ
القبيحة و الإيحاءات الجنسية و الصوت
العالي و كأنما ممثل السينما يزعق كي يثبت أدواؤه أو كأننا طرش!
أداء الممثل يحسب له أو عليه في
أي دور يؤديه , كبيرا كان أم صغيرا , لذا فإن " أحمد عز " و هو في رأيي
ممثل جيد , لم يكن على نفس قدر مستواه المعتاد في هذا الفيلم , لم أشاهد فيلم
" المصلحة " بعد لكني قد أظن فيه أداء أقرب إلى طبيعة " عز "
التمثيلية .
في المقابل جاء أداء " شريف منير " متوازنا , و " منير"
في الأصل حُسب على الكوميديا في الأفلام و المسرحيات , عندما كانت الكوميديا وقت
شبابه تختلف عن اليوم
لكن " مي كساب" خفيفة الدم بالفطرة , استطاعت
كعادتها تقديم دورها بصورة خفيفة مهتمة حتى بتفاصيل ألون ملابسها و اكسسوارتها ,
بينما تمكن ابن الكوميديان الأشهر " عادل إمام" , لفت الأنظار له رغم
صغر مساحة دوره
" محمد عادل إمام " يمثل ببساطة تستهويني أنا شخصيا ,
بدون مبالغة في تعبيرات الوجه و طبقات الصوت , و قد يسير في خطوات حقيقية نحو
البطولة المطلقة .
" ميريت " التي قامت
بدور زوجة عزيز , هي فتاة جميلة جدا, و أداؤها جاء جيدا , و قد يلفت الأنظار إليها
فيما بعد , و قد تثبت نفسها.
لكن الأداء المفتعل ظهر أيضا في
دور " رانيا منصور " و هو عيب أرجعه ثانية للمخرج الذي لم يوجه ممثليه
بالصورة الصحيحة , و هو ما أثار تعجبي شخصيا ف " عمرو عرفة " مخرج له
وزنه "(من أعماله أفريكانو , الشبح ) و خروج فيلم له بأداء تمثيلي أقل من
المتوسط هو أمر مستغرب.
الإخراج لم يقتصر على التحكم في
البلاتوه فقط , الفيلم مبني في الأساس على " الجرافيك " أو الخدع
البصرية , و في عالم أحلام عزيز , تتوالى مشاهد الفانتازيا , و الفانتازيا في حد
ذاتها عالما يجازف من يتطرق إليه مجازفة واضحة , فإنك إما تستحوذ على المشاهد أو
تفقده تماما , لا وسطية .
Aroma Film Labs
كانت هي الفريق الذي عمل معه
المخرج على تقديم الجرافيك , كان المجهود المبذول فيه واضحا و في رأيي خرج جيدا .
لكن القصة في حد ذاتها بكثرة
تفاصيلها و التطويل المبالغ فيه في بعض المشاهد , جعل الفيلم ككل , غير مبهرا
للمشاهد الذي من الأولى أن يعمل فيلم من مثل تلك النوعية في الأساس على جذبه
بالإبهار.
موسيقى " محمود طلعت
" بدت لي جيدة و مناسبة , و بقى لي الإشارة إلى ضيوف الشرف الذين رأيت أنهم
أجمل ما بالفيلم , فاللقطة الواحدة السريعة ل " أحمد رزق" كانت جميلة
جدا , و " منة شلبي " في نهاية الفيلم كانت كعادتها , مؤدية ممتازة و لو
للسطور القليلة التي كتبت من أجلها.
في المجمل الفيلم جعل كثيرون
ممن حولي في قاعة العرض يفكرون في الموت , الثواب و العقاب , الذنوب و النار ! و
هو ما لا تتوقعه مطلقا عندما تختار فيلما كوميديا للمشاهدة , و كل على حسب ضميره و
يقظته و أفعاله و سؤها , هناك من أثارت مشاهد الجحيم خوفه و هناك من ظل مبتسما , و
هناك من أصابه الملل من الفيلم , لكنه في النهاية بقصته الغير معتادة عاد بنا و
بصورة مباشرة جدا إلى الحديث عن قيم دينية و إنسانية , لم تطرق إليها السينما بتلك
الطريقة منذ عقود طويلة .
الصورة لفريق العمل مع المنتجة اسعاد يونس من موقع مصراوي
No comments
Post a Comment