مدونة حكايات فريدة

دماغك في حيطة





أصحى الرابعة صباحا "بتوقيت فيرجينيا", عشان ألاقي عداد تنبيهات الفيس بوك و تويتر , متزايد , الناس ماتت والرياسة عزت على تويتر و  الناس بتعلق و بتختلف كالعادة , تصيبني الحالة اللي بتصيبني كل مرة الأحداث بتتصاعد في مصر , " الصمت " !

خانة الاستيتوس الفاضية بتسألني " مزاج سعادتك ايه ؟" , ببص لها بغيظ و بقرر اسيبها فاضية ,  و أتابع الأخبار 

 الموت خبر بيتنقل لحظة حدوثه , تويتر سرادق كبير مفيهوش صمت المعزين و لا احترامهم لهيبة الموت , تويتر سرادق كبير لمعزين فقدوا احترام هيبة الموت لأنهم ما يقدروش يسكتوا !

الخانات الفاضية بتسألني " حالة سعادتك ايه ؟" , ...........و الله ما انا كاتبة لك

 بيني و بين مصر فارق توقيت و محيط و حيطة افتراضية الكترونية !

 حيطة نجح اللي بانيها انه يخلينا متنحين قدامها طول اليوم , على موبايل او أي باد او تابلت او كمبيوتر , كلنا مبحلقين في حيطة عازلانا عن المحيط و فكرة التعبير عن "النفس" في استيتوس عزلت معظم  الناس , أهم حاجة لما أصحي الصبح أكتب عن حالتي المزاجية و رأيي , حالة من الأنانية و الفردية اتكثفت ممارستها نتيجة للي بنسميها لغة العصر أو
The Social media

الحيطة اللي كلنا مبحلقين ليها دي , يوم ما اتقفلت علينا , قامت الثورة فعليا , و هنا لازم أوضح نقطة معينة عشان ما يكونش كلامي مجرد رأي شخصي و حكم غير حيادي .

مصر فيها شباب آمن بالثورة من قبل ما تقوم , و كلهم ناشطين جدا على الانترنت و معظمنا يعرفهم شكلا و اسما و وفينا ناس تعرفهم شخصيا , الشباب دول , اللي كل مرة بينزلوا الميدان و شايلين روحهم على كفوفهم و فعلا ناشطين سياسيا و نفسهم مصر تكون أفضل , كان الانترنت بالنسبة لهم وسيلة تواصل و تنفيس , ده حقيقي , مش مجرد حائط للتعبير عن الرأي , و لغاية دلوقت , لو واحد فيهم في مكان و التاني في مكان تاني , ف " تويتر " هو الأرض المشتركة اللي جامعاهم , يسبوا و يلعنوا في اللي بيحصل , ينقلوا لبعض أخبار , المهم يطلعوا طاقتهم الثورية , ودي حقيقة معروفة

لكن في واقع الأمر , الانترنت مش كله شباب من النوعية دي , و اللي حاول الشباب دول إنهم يعملوه لما جعلوا من الانترنت أرض موازية يمارسوا عليها الحرية السياسية اللي أتحرمنا منها كمصريين على  أرض الواقع , مختلف تماما عن اللي بيحصل من بعد ما الثورة قامت.

الشباب دول , أنا واحدة من متابعينهم , عارفة ان محبتهم لمصر حقيقية على اختلاف آرائهم السياسية في كل المواقف , عارفة إن جسمهم أتشبع بالغاز المسيل للدموع و إن في كتير منهم أتصاب و منهم اللي خسر عينه و اللي مات , الشباب دول لما بيقفوا في مواجهة الموت , بيعرفوا اكتر من غيرهم إن الفردية هي أول مسمار في نعش الزوال

مفيش أقوى من " الحائط البشري" , الحقيقي , و كل نظام فاسد بيستخدم " فرق تسد" لأن دي حقيقة معروفة جدا , فردهم , ما تجمعهمش , إحنا بنتصور إن الانترنت بيجمعنا و ده وهم, الانترنت هو الحشيش الجديد بتاع مصر
 للأسف معروف إن  مصر المخدرات فيها , سهلة , بين كل الفئات

عقل البني آدم هو اللي بيكرمه عن الحيوانات , النظام الفاسد عاوزنا " حيوانات " مش بني آدمين , يضرب عقلنا , بدخان أو بأي وسيلة تانية , المهم في النهاية تكون زيك زي الحيوان بالظبط , بتاكل و تشرب و تنام و لو اتقتلت , فأنت مجرد " جثة " ملهاش كرامة البني آدمين.

الانترنت , هو المخدر الجديد , هو المغيب , اللي بيفصل في أحيان كتيرة تفكيرنا و إدراكنا للواقع

في علم الإدارة , في قاعدة معروفة , " مش مهم بحث الأسباب وقت المشكلة , المهم إيجاد حل فعلي و تطبيقه أولا"

اللي الانترنت بيعمله في المصريين انه وفر لهم حوائط لقتل أسباب المشاكل بحثا و بس , تناقل أراء و أخبار و خناقات حولها , و غرق في الذاتية , لأن كل واحد فينا , لا شعوريا , صاحي الصبح يفتح " صفحته " و يشوف " متتبعينه " و " أصدقائه " و يعبر عن " مزاجه " و " رأيه "

الانترنت ممكن يستخدم للتنسيق و التواصل بين الناس , عشان تعمل حاجة فعلية , لكن كمية الوقت و الطاقة المهدرة قدام حائط العزل أصبحت خرافية

حاجة كمان خطيرة بتحصل ,لا شعوريا جزء من طاقة الغضب بيتنفس في ممارسات الحياة الافتراضية دي , طاقة الغضب دي هي اللازمة للثورة الحقيقية أو لمحاولة البحث عن حل فعلي للمشكلة مش مجرد المجادلة حول الأسباب

عارفين ليه الإخوان نجحوا في الانتخابات ؟ مش عشان هم خوفوا الناس من الحلال و الحرام و لا عشان المصريين جهلة زي ما نخبة المثقفين بتشتم فيهم طول الليل و النهار

أنا عشت معظم عمري في بلد صغيرة اسمها " دمنهور" زيها زي أي بلد صغيرة في مصر اللي المركزية مسيطرة عليها " بعد القاهرة و الاسكندرية كلنا بلاد صغيرة , بلاد فلاحين ", القرى متشعبة حواليها و الطرق لسه فيها الطريق الفرد , اللي السكة فيه بتاخد عربية واحدة

في الطرق دي , و في البلاد دي , من قبل الثورة و من سنين , الإخوان المسلمين ليهم نشاطات اجتماعية خيرية على أرض الواقع , أنا عمري ما كنت إخوان مسلمين  , لكن أنا كمصرية عادية مسلمة ,  لما كنت احب أعمل خير, مكنش فيه غير أفراد الجماعة المحظورة انها تساعدني , و هم  منظمين جدا و كانوا بيوصلوا للناس اللي في القرى و في مناطق أنا كمواطنة من طبقة اجتماعية مختلفة صعب اني أوصلهم

الإخوان المسلمين , بنوا مستوصفات , و جمعيات خيرية و مدارس و الناس وقتها كانت شايفاهم ناس بتعمل خير و الحكومة مضطهداهم , كانوا بيحاولوا فعلا يوصلوا لكل الناس عن طريق العمل الخيري و كانوا منظمين فعلا , ووقتها كانوا ضد النظام و كانوا بيعتقلوا قدام عيون الناس و الناس كانت بتديهم أصواتها في انتخابات مجلس الشعب و النتائج كانت بتتزور قدام الناس

الناس الجاهلة اللي ممعهاش آي فون عشان تقرا  على حائطك الافتراضي ايدولوجية سعادتك عن الحكم الديني و تساؤلاتك عن الممول الفعلي لجماعة الإخوان  , لمست على أرض الواقع " الحائط البشري الإخواني " و هي دي الناس اللي قالت نعم و نجحت الإخوان

و على الرغم من كده , لسه الناس مش بتحاول تنزل الشارع تغير و تعمل و لو حاجة بسيطة ! , لو كل فرد في مكانه عمل حاجة فعلية , التغيير الكبير هيحصل , بس الحقيقة دي بالذات لازم الناس تفضل مغيبة عنها , إيمان المواطن بقوة فرديته في موقعه , فكرة خطيرة جدا لو اترسخت في عقول الناس , لأنها هي اللي هتؤدي لدوران العجلة , و اللي سافروا لأي دولة متحضرة عارفين كويس أوي إن فرقهم عننا مش بس فاعلية تطبيق القانون كمان ضمير كل واحد في شغله و في مكانه 

الفردية اللي النظام الفاسد عاوزك تؤمن بيها , هي الاستيتوس بتاعة حضرتك , حالتك المزاجية و رأيك الشخصي 

 احنا بقينا شبه العيال الصغيرة اللي اهلهم حطوهم في اوضة في ايديهم لعبة و قفلوا عليهم عشان ما يسمعوش صوتهم , بينهم و بين العالم الفعلي حيطان .

أنا مش بقول نقاطع الانترنت , بس امتى هنفوق ؟ و المصيبة إن إحنا أصحاب التعليم العالي و الثقافة المتواضعة متخدرين , بنلوم ليه بقى علي اللي مش بيعرفوا يفكوا الخط ؟!.

الوقت زيه زي الفلوس , ثروة  مهمة ,اهدارها كارثة , استغلال الوقت في ما يفيد ثروة  بنت حضارات دول تانية هي اللي  أنشات الحائط الافتراضي اللي بيلتهم وقت يوم سيادتك , بخاناته الفارغة و تنبيهاته المتزايدة , الساعة بتصب في التانية و آدي الحيطة و آدي الزرار , احنا بس عاوزين نعرف " حالة سعادتك ايه ؟"

طيب و  الناس اللي معندهاش حيطة الكترونية عشان تحكي عن حالتها ؟

  الناس دي احنا بنوصل لها ازاي ؟

 كام واحد فينا كافل يتيم, كام واحد فينا فكر يعمل حاجة في الحي بتاعه كمجهود اجتماعي أو شخصي؟ كام واحد فينا بيدي وقته لطالب فقير يذاكر له ؟ كام واحد فينا بينقل معلومة قراها عشان ينشر ثقافة بدل ما ينقلها عشان يثبت رأيه السياسي ؟

 أنا بكتب لكم على حائطي الالكتروني أسألكم إجابات الأسئلة دي و أنا شخصيا مؤمنة باللي بقوله و بنفذه
لو هعمل خير واحد بس في حياتي قبل ما اموت هعمله , لو هنقل لقاريء واحد بس فكرة من خلال كتابتي هكتبها لو اخلاصي في شغلي هيزود تنمية المكان اللي انا فيه بنسبة واحد من مية في الألف هخلص , و مش أنا لوحدي كده في ناس كتير زيي , ضايع صوتها وسط زحمة التغريدات !

و رحم الله كل مصري مات عدوانا و ظلما






1 comment

يا مراكبي said...

مقال مهم للغاية وهو يمس كبد الحقيقية التي لا يريد أن يراها الجميع

وقد كتبت موضوعاً مُماثلاً قبل ذلك منذ عامين هنا

http://yamarakby.blogspot.com/2011/03/blog-post.html

Professional Blog Designs by pipdig