مدونة حكايات فريدة

الوهج




في فيلم " جسور مدينة ماديسون " المأخوذ عن رواية و الذي قامت ببطولته" ميريل ستريب" مع "كلينت استوود" , هناك مشهد بين البطلة " ميريل ستريب" و ابنتها الصحفية حيث تتسائل الأم بحنق مشيرة لنمطية الإستيريو تايب السطحية

" لماذا دائما في القصص المرأة العاملة الغير متزوجة تقابلها الزوجة ربة المنزل؟"

تلك الجملة تحديدا قفزت إلى ذهني و أنا أقرأ بورتريه الكاتبة " أماني خليل" لامرأتين صارختين الإختلاف جمعتهما الأسكدنرية و الصداقة في روايتها الصادرة عن دار روافد..." الوهج".

حيث "ريم " و "هالة " تمثلان تلك المقابلة النمطية بين امرأة متزوجة و ربة منزل ضعيفة الشخصية و صديقتها الطموحة القوية التي حققت نجاحها المهني و تخلت عن الزواج و الأولاد, لكنهما تغلبتا على اختلافهما و مشاعر الغيرة الدفينة بينهما لتظل بينهما علاقة طيبة, حاولت أماني من خلالها إلقاء الضوء على نواحي عدة في الحياة منها وضع المرأة بالمجتمع إضافة إلا وصف تاريخ مكان الأحداث , مدينة " الأسكندرية" التي حاولت الكتابة عرض التغير المجتمعي بها و المصاحب للتغيرات السياسية بمصر من قبل و بعد ثورة يوليو 52

و من أجل إلقاء الضوء على أغلب جوانب هذا المجتمع تطل " سناء " و هي شخصية نسائية ثالثة من طبقة كادحة بعيدة كل البعد عن طبقة الشخصية المحورية بالرواية " ريم" و تسرد الكاتبة من خلال معانتها حال نساء مصريات يعملن من أجل التكفل بالبيت و يقاسين من قسوة رجل و تجبر عائلته " المتمثلة في أمه بالرواية" خشية الطلاق الذي لم يزل يعد كوصمة مجتمعية تؤرق صاحبته , فتؤثر التعاسة مع لقب متزوجة على وصم المجتمع لها و إن ارتاحت بالا.

من خلال ثلاثي نسائي متباين في اختياراته الحياتية و المجتمعية , و من خلال السرد الذاتي الغالب لبطلة الرواية " ريم" بهواجسها و آلامها و ضعفها الداخلي و الخارجي , تُلقي الرواية الضوء على شخصيات أغلبها هش و ضعيف , يغلب طابع السرد على الرواية , و إن كان متعدد و ليس أحادي الجانب , و من خلاله تغرق مع الشخصيات في حالة من العزلة الداخلية التي تستشعرها كل شخصية .

تأتي النهاية مباغتة و مبتورة بالنسبة لي , لكن لا أنكر أن الحدوتة استطاعت شد انتباهي كما أن الرواية القصيرة " 109 " صفحة لا تسمح لك بتنحيتها جانبا مللا , على العكس تتابع لمعرفة مصير أبطالها, كما أن اللغة الجميلة كعادتي هي ما يجبرني على إحترام النص.

وهج " ريم " هو سراب بعيد تتمناه في عتمة تخبطها الداخلي فهي لم تتخط و لا إشكالية واحدة من إشكاليات ماضيها , لا رحيل أبيها و لا تجبر أمها , فقط كانت كما عرضتها القصة , مركز واهي , تدور حوله شخصيات تبدو كأطياف من وهن حضورها, حتى " باهر" باسمه الذي يحمل دلالة بعض من صفاته , كان وهج شعلة بعيدة , بدت سراب على مدى البصر , خبت في النهاية بما قدرته الكاتبة له.


ما بين الموت و الرحيل اللذان سادا الحكاية و الحياة كما الموتي بلا شغف حقيقي كما عاشت "ريم" ,توهجت و انطفأت شخصيات "أماني خليل" في عملها الأول " الوهج".

1 comment

يا مراكبي said...

نفس انطباعي عن الرواية :-)

لكني استمتعت بها للغاية

Professional Blog Designs by pipdig