صورجديدة لأرشيف قديم

 

كل منا ترس في ماكينة هائلة الحجم تستعبدنا كي ننتج من أجل نسبة محدودة تتربع على القمة. منا من يرزح تحت طغيان حكم ديكتاتوري ومنا من ينقاد خلف جزرة الديموقراطية المعلقة بعصا عبودية الرأسمالي.

ترسل الدول الغنية الرأسمالية دعم مالي للنظم الديكتاتورية. ينفقون على حروب كي تظل عجلة تصنيع الأسلحة دائرة. بينما الواقع قبيح وبشع، يسحق أبرياء وأطفال.

تلك الصور التي توجع القلب لضحايا زلزال تركيا وسوريا الأخير، تذكرنا جميعا أن الحروب التي تحولنا جميعا لتروس في ماكينة ادارتها، لها نفس الأثر البشع من خراب ودمار

عندما نرى الصور والفيديوهات نتأثر, نترحم, نصلي, نكتب على صفحات السوشيال ميديا ثم نعود لما كنا نعمل, كي تستمر عجلة الانتاج من أجل رؤساء وملوك لا تندك فوق رؤوسهم القصور عند الحرب ولا يطالهم أثر الكوارث الطبيعية!

أحيانا يراودني خيال جامح مجنون عن عصيان مدني عالمي ولو ليوم واحد، نعلق فيه من شرفات المنازل أعلام سوداء, فتصبغ جدران الأبنية كلها بالأسود, لون الحزن والحداد, على كل بريء رحل ولم نتوقف من أجله!

 

اليوم صور أطفال تحت أنقاض مباني ضربها زلزال بسوريا تبكينا, بكينا أيضا منذ حوالي ثمان سنوات على صورة طفل سوري غريق قذفه اليم على الشاطئ التركي بعد أن مات هو ومن معه من لاجئين.

ماذا حدث منذ بكينا الطفل المستلقي على بطنه ميتا على الشاطئ؟ وهل تحرك العالم لإنقاذ ما يمكن انقاذه!  أم صار الأسوأ، وما دفع اللاجئ للبحر في 2015 هو نفسه سبب ضعف امكانيات انقاذ ضحايا الزلزال اليوم! 

يتساءل البعض عن عدالة الله الذي يُسبب الزلازل, ولا ينظر أيا منا إلى نفسه, على يد كل منا دم, لكننا لا نراه, كلنا أضعف وأحقر من أن نحاسب الله والطبيعة, لأننا نعمل ونكد ونشقى وننتج كي نمول حكومات تدفعنا نحو الحروب وتدعم الحروب, كلنا نعمل هذا, لم يعد خافيا على أحد أن الإعلام هو بوق لنظم الحكم ونظم الحكم هي سُتر لتنظيم حروب وخلافات لا تنتهي, كي تظل على القمة نسبة محدودة تستمتع بعوائد صفقات سلاح لا ينتفع منها نظام حكم بعينه بل كل النظم دون استثناء!

 

لعبة فساد كبيرة لا قول لنا فيها، نحن هنا فقط كي ندير عجلة انتاج وهمية وكي نطلق الرصاص ونتلقى الرصاص ونقفز في اليم هروبا ولجوء وتندك فوق رؤوسنا مبان ونشجب ونعترض ثم نلوم الله والطبيعة والحكام ونبكي ثم يلقون إلينا بما يلهينا فنرقص ونضحك ونأكل ونتكاثر لنموت!

 

#سوريا #تركيا #زلزال #حرب #دمار