قالت لي أن الوحدة تفعل أكثر من
ذلك , حدقت في بعينيها الغائم لونها بين الأزرق و الرمادي و قبضت بكفها الخشن
على كوب الشاي الساخن , رغم الجو الحار , و هي تردد ببساطة
" الوحدة .. الوحدة
!"
بشعرها المفروق من المنتصف و
جديلتين قصيرتين فضيتين اللون و فمها الذي يبدو مضموما إثر كل تلك الخطوط الرفيعة
التى رسمها حوله العجز , بدت لي كإحدى ساحرات مكبث , فوجلت للحظة لكني تماسكت ,
كنت لم أزل أملك تلك القدرة على التماسك و مدارة انفعالي , لكني كنت أعرف أن
عيونها الرمادية تراني جيدا.
" الوحدة , تفقد المرء
اتزانه , فيمد مخالبه ليقتنص أيا من حوله
,كالذئب يعوى بالليل البهيم وحده ضالا على وجهه باحثا عن أي فريسة , يقتنصها لأنه
فقط أرادها أن تشاركه وحدته"
على أرضية الغرفة , كانت الدماء
لم تزل , رطبة , و كانت تلك المرة الأولى التي أشتم فيها رائحة الدم , لكل شيء
رائحة , هذا ما قلته لنفسي و أنا أتطلع لبقعة الدم المجاورة لقدمي , و داهمتني
رغبة غير مبررة أن أمد قدمي و أسحب من الدماء خطا , طوليا على الأرض , لكني لم
أفعل , تابعت هي عيني و نظرت للدماء بالأرض و بدت عينيها أكثر لمعانا , و رددت
للمرة الثالثة
" الوحدة تفعل أكثر من هذا
" ثم صمتت
No comments
Post a Comment