مدونة حكايات فريدة

ر و م ن ط ق ي ة





و أنا في المطار , أجر حقيبتي خلفي , كنت أشعر أني كتبت الرواية و عشتها !! و قررت عندها أني سأكتب حكاية أخرى.

فيها قابلت حب عمري و عشنا معا في تفاهم و هدوء حتى النهاية
(تلك ليست بمزحة)

كنت أسأل نفسي و أنا جالسة في المطار وحدي.

" لماذا لا تكتبين عن الحب  , أو لست بامرأة ؟, ألا ترين في كتابات قريناتك الكاتبات كل تلك الزهور و الفراشات و الأشواق و القبلات ؟ , لماذا لا تكتبين مثل بنات جنسك ؟."

في الطيارة ما بين القاهرة و فرانكفورت , كان فيلم "العهد " هو المعروض

فيلم رومانسي عن رجل فقدت زوجته و حبيبته ذاكرتها  في حادث سيارة فقرر أن يظل معها كي تقع في حبه من جديد لأنه قد عاهدها على الحب يوم زواجهما.

أصدق العهود تلك التي نلتزم بها أمام الله, هذا ما كتبته لصديقتي التي كانت بأمريكا منذ عام.

و أنا أفضل أن أكون مع شخص لا يتعهد لكنه يفعل , و يصدق فيما يقوله حتى و إن كان صادما , عن شخص , يردد لي أنه يحبني بينما هو لا يجيد من الحب سوى الكلام.

 "النوع الثاني هو السائد بين الرجال و النساء على حد السواء".

بالنسبة لي إنه أحد أسراري ,أنه ربما أكون لا أعرف كيف أكتب عن الحب بتلك الحرارة اللازمة, لكني قطعا أعرف كيف أعيشه , بطريقة يصعب وصفها , لذا من الصعب أن أكتبها , لأني سأكتشف ساعتها كم أنا شخص مبالغ به ! و ربما يكون هذا تحديدا ما لا أريد أن اعترف به لنفسي.

ربما يكون من الغريب حتى بالنسبة لي أن اكتب أنه لا شيء على الإطلاق يشكل عائقا أمام مشاعري
لا الوقت و لا الحياة نفسها , و لا مفاهيم الآخرين الصحيحة أو المغلوطة , و لا المنطق ,لا شيء يمنعني أن أكون أنا.

إن أسباب محبتي مبهمة بالنسبة للآخرين , لكنها بالنسبة لي مثلها مثل أسباب رحيلي, منطقية.

لكن إن كنت تظن أن الحياة داخل فيلم سينما رومانسي أمر ممتع للغاية
و إن كانت المحبة هي مطلب أي إنسان طبيعي , فإن تلك اللحظة التي تخرج فيها من ذلك العالم قاسية بقدر روعته , الألم أيضا أحيانا كثيرة يكون مبالغ فيه جدا.

مثل تلك المبالغة التي تتضمنها حقيقة أنه لا شيء يمنعني من أن أحب أو أعطي ,  سوى فقط رغبتي الشخصية ألا أفعل هذا

 و كي أكون صادقة أنا أفعل هذا لنفسي بالأساس ,جزء من شخصي يستمتع بالعطاء و الغريب أنك إن لم تكن بدائرتي , قد لا تتصور أبدا هذا الجانب في شخصيتي , فكم أبدو عملية و منعزلة و متحفظة , حتى في لغة جسدي.

لكني في الحقيقة , أحببت تقضية الوقت مع شخص واحد فقط  , هذا الشخص رفضه عقلي تماما , لأنه مادي.

مثله مثل معظم المحيطين , يحسب الحياة بحسبة مادية , ينظر للوظيفة , للمادة , للاجتماعيات ..... الخ
و تلك حسبته الخاصة و هو حر بها طالما ترضيه لكنها لا توافقني أنا.

 أبدا لم تكن حسبتي بتلك الطريقة , فيا له من حمق أن أقترن بشخص مختلف عني في تلك الأولوية تحديدا و أن يكون معياري أنا مثلا أن أقدر أن الساعات تمر بيننا في تفاهم و سرعة ,و أنه يحب تقضية الوقت معي مهما كان ضئيلا , بينما يكون هو منشغلا بتقييمي كاختيار و إن كان هناك ما هو أفضل ؟!

كيف تكون اسعد لحظات حياتي كزوجة تلك التي أحتضن فيها رجلي و هو نائم و يأخذ كفي الصغير بين يديه , بينما هو أسعد لحظاته تلك التي يباهي فيها بي و كأني شيء ما !!

كل الرجال و النساء الذين قابلت حتى تلك اللحظة, ينتظرون ذلك الإنسان الغير مادي الصادق في العهد , الذي يحب أفعالا لا أقوالا , لأن كلنا نريد من يتقبلنا في السراء و الضراء , في الصحة و المرض.

و يجب أن أخبركم , كشخصية عرفت حكاياتهم جيدا , أن معظمهم , يفعل العكس تماما عند الاقتران بشريك الحياة !!

لأننا بشر و نريد كل شيء.

و نحن لا نحصل على شيء , و تلك الساعة لا تعود للوراء , و خطوط العرض و الطول تتحكم بحياتنا , فتجعلني أغادر فرانكفورت بالخامسة و أصل أمريكا بالسابعة بعد أكثر من ثماني ساعات في الطائرة !!

إن كل الناس تريد الحب الحقيقي , لكن صعب أن تستطيع الالتزام بعهد حقيقي.

و أنا كامرأة منطقية جدا , لن أغير المحيط , لكني أقوى منه , لذا لا يهمني كثيرا أن أكتب عن الحب , لكن يهمني أكثر أن أعيشه بصدق.

لقد حفظت في حياتي عهودا تفوهت بها و عهودا لم أتصورها و فرضها علي منطقي أثناء الشدة , و لم أحمل دينا لأحد أو أخذل أحد حتى تلك اللحظة .

 على العكس قابلت كثيرين ممن لا يحفظون عهدا و إن أرادوا.

  لكن هذا لم يفقدني إيماني بالحب , لأن عهدي تجاه الحب في حد ذاته كإنعكاس للرحمة التي هي من عند الله ربما يكون أقوى من عهدي تجاه أيا كان.


و لقد عرفت فور وصولي هنا قصة حب , جميلة , عمرها ثلاثة عشر عاما .
 و عندما أنظر لتلك الفتاة الجميلة أعرف ما يحبه هو فيها , و عندما أنظر له بطيبة عينيه , أعرف لماذا هي لا ترتدي خواتم سوي دبلته في يدها اليسرى.

كانت تخبرني عن توافقهما و كيف أنهما عملا معا لسنوات دون مشاكل رغم صعوبة أن تعمل مع شريك حياتك في العموم
ابتسمت لها و هي تخبرني أنهما يكملان بعضهما البعض , و قلت , إنه الالتزام بالعهد و المجهود الذي يستلزمه الأمر هو ما ينجح العلاقات أو يفشلها.

الحب في الحياة أكثر روعة و دهشة من الأفلام الرومانسية , و أكثر سخاء من أبياتنا و كلماتنا الزاخرة بالشوق و اللوعة , لكنه يستلزم مجهودا , لا يبذله معظمنا و إيمانا نفتقده .

في نهاية الفيلم يخبرونك أن قصته تلك التي تبدو خيالية جدا , حقيقية تماما و أن الرجل و المرأة أنجبا طفلين و عاشت معه في حب رغم أنها لم تستعد ذاكرتها قط !!!!!!!.!!!
!!

الحياة أغرب من خيال كاتب , و حياة الكاتب نفسه أغرب من خيال الآخرين , و تظل حياته خليط بين ما هو منطقي جدا و ما هو خيالي جدا رغم حدوثه بالفعل.


7 comments

حسن ارابيسك said...

الكاتبة الجميلة/أميرة الشربيني
الحقيقة أقول أنني استمتعت جداً بقراءة تدوينتك الرائعة فكرة ولغةً ،حقيقة وخيال ، لأسلوبك الخاص جداً مذاق مختلف عن كثيرات ممن أقرأ لهم من جيلك
تحياتي
حسن ارابيسك

مها العباسي said...

بعض الحكايات تكون اكثر دهشه من الافلام ربما لان الحياه مازالت هى اللغز الاكبر والحكايا الاكثر غموضا

Amira Elsherbiny said...

حسن ارابيسك

أشكرك جدا

تعرف ككاتب وقع كلماتك على نفسي

يشرفني أنك قاريء مستديم لي منذ سنوات
و يسعدني كون ما أكتب يحوز اعجابك

:)
تحياتي لك

Amira Elsherbiny said...

مها العباسي

صح تماما
و أثق أنك مثلي تعرفين الحكايات بدهشتها و عدم منطقيتها

لأن هذا هو قدرنا عزيزتي

دمتي بخير و محبة

candy said...

الحقيقة ماعنديش تعليق ينفع يتقال
علشان باحبط لما بحس أن اللى جوايا ماقدرتش أعبر عنه بالكلام وطلع دون المستوى ...

بس فهماكى تماما .. وشوقتينى أشوف الفلم

تحياتى <3

candy said...

مش عارفة اكتب كومنت علشان باحبط جدا لما الكلام مش بيعبر عن اللى جوايا بالظبط ... ومش لايقة كلام يعبر

بس فهماكى جدا

وشوقتينى أحضر الفلم :)


دمتى بالحب <3

يا مراكبي said...

على قد ما لبوست جميل جداً
على قد ما أنا مبهور بفكرة الفيلم اللي انتي أشرتي إليه

مش مبهور بس .. أنا مذهول كمان
:-)

شكراً للمعلومة

Professional Blog Designs by pipdig