مدونة حكايات فريدة

الأنوثة التي لم تكن و الإبداع الذي لن يصير




في يوم المرأة العالمي , فكرت أن أكتب مقالا , أكتب فيه أن وراء كل رجل سيء امرأة سيئة للغاية
و أنه إن كنا كنساء ننتقد الرجال, و خصوصا الذين يحملون نفس جنسيتنا , فإنه يجب علينا أن نعترف أننا كنساء تُربي أشباه رجال و نُمارس الظلم المجتمعي تجاه بنات جلدتنا .

 نحن من نغتاب , نعيب و نلوم و نمصمص شفاهنا و نحرك حواجبنا استنكارا , لابن أحب فتاة و أراد الزواج منها لكننا لأسباب مجتمعية نُمارس سلطاتنا كأمهات و نرفض , أو نحركها تعجبا , لرجل يحب امرأته و يحترمها , و يكون على الأغلب دافعنا الغيرة و الحسد, نحن أول من نكره أنفسنا , أول من نمارس السادية تجاه جنسنا , نحن النساء!
للأسف!
خلف كل فكر متخلف لرجل ما , أم ما , كانت ابنة و أخت ثم زوجة , فشلت أن تُقاوم ما لم يرضها من قبح محيط  بأن تبذر بذرة جميلة صالحة من أجل الغد.

كنت سأكتب مقالا مطولا , لكن قلت لنفسي , و تثيرين عداوة بنات عشيرتك تجاهك ؟ و من يبق لك بعدهن ؟!
ولكي أصدقكم القول أنا لا ينقصني عداوات! أشكل هاجسا بالفعل لكثيرين و كثيرات, رغم انعزالي, رغم أني أكفيهم خيري و شري , لكن لسبب غير مفهوم كلية بالنسبة لي , تظل تلك الفريدة " كما يلقبونني" , تثير كل المشاعر المتناقضة داخل من لم يعرفها حقا!

تلك الفريدة هي الفنانة بداخلي, هي التي كانت تتأمل لوحات الرسامات الشهيرات عبر التاريخ في المتحف القومي لفن المرأة بواشنطن و هي مأخوذة, روحها زهرة متفتحة لندى نشوة الإبداع , تعرف تحديدا من أين ينبعث هذا الهاجس الذي لا ينتهي و يدفع المرأة دفعا أن تبدع.

و كما أردت أن أكتب أن وراء كل رجل سيء امرأة أسوأ , رأيت في المتحف قصص عن كل امرأة عظيمة ورائها رجل عظيم ثابت يدعم زوجته و يقدر موهبتها.

مثلما في الجناح الخاص بالفنانة
Anna Ancher(1859- 1935)
حيث شاهدت أعمالها هي و زوجها ,  و قرأت عن تأثيرهم على حقبتهم و تأثير الفنانين الآخرين عليهما
 هي رسامة دنماركية , آمنت أمها بموهبتها و سمح لها والديها دراسة الرسم بشكل خاص في وقت لم تسمح أكاديمية الفنون الملكية الدنماركية للنساء بالالتحاق بها للدراسة , لكن آنا ,تلقت تعليما خاصا و سافرت فيما بعد لباريس و كان لهذه الرحلة و ما درسته هناك أثر واضح على فنها.

تزوجت رسام دنماركي هو
Michael Ancher
و أنجبا ابنة واحدة, و بعد الزواج , لم تتوقف آنا عن ممارسة الرسم , و من اللافت للنظر أن النقاد أشادوا بأثر الضوء في لوحاتها و عظم تأثيره و تعتبر من الرواد في الرسم الانطباعي قبل ظهوره بعدها بسنوات.

لا يوجد كلمات تصف شعوري و أنا واقفة أتأمل لوحة تلو الأخرى , له أو لها , و أقرأ الملاحظات عن تأثرهم بلوحات أخرى , و كيف رسم كل منهما الآخر ! و كيف دعم كل منهما الآخر , و أثرا و تأثرا بفنانين و أصدقاء.

في المتحف حكايات فنانات أخريات , لكن جناح آنا و مايكل , قاعة مميزة , تطالع فيها فن و حياة , لأسرة دنماركية في القرن التاسع عشر , رجل و امرأة كان بينهما الحب و الفن و شغف واحد.

لم أكتب في يوم المرأة العالمي أدعو نساء قومي أن يحترمن بعضهن البعض و يربين رجالا بحق إن كنا يفتقدن الرجولة و الشهامة كما يزعمن!

و لم أكتب أيضا عن الحب و العشق كما يليق بامرأة يجب عليها رسم الفراشات الزهرية بحواشي مذكراتها, و إدمان صور الوحدة و اليأس الذي يجتاحنا نحن مرهفات الحس , أنا لا أفعل هذا , أنا لا أكتب عن الرجال و النساء , لأني لا أتحدث لغة أيهما , على الأقل تلك اللغة المتعارف عليها في حقبتي , إن لي لغتي الخاصة , حيث أنوثتي أجمل ما أملك و الرجل هو أكثر من أحترم , لا صراع داخلي أو خارجي بيني  و بين أيا من كان! و لو أنني أستطيع الرسم لاكتشف العالم أني حقا أرى جمال في كل شيء, و هذا هو ما يليق بالمرأة فهي مخلوق جميل و مختلف.

"آنا" الرسامة , كانت مختلفة عن زوجها و تكاد تكون أعظم تأثيرا منه لأنها استخدمت الضوء بشكل أكثر حرفية منه , بينما هي لم تتلق أي تعليم أكاديمي, و تلك ملحوظة عن مقارنة تتوقف غالبا على الذوق الشخصي.

لأنه ليس صراعا بين الرجل و المرأة كما نتوهم, و كما أفسدنا حكايتنا, و حياتنا العاطفية و الاجتماعية, أما  الموروثات المغلوطة التي لم تقف النساء كأمهات, حاجزا بينها و بين التعاقب بين الأجيال , فهي ليست ما أشغل بالي به, مطلقا .

فكما كان في جزيرة صغيرة في الدنمارك في القرن التاسع عشر , ثنائي خارج المألوف , و أفضل من كل السياق , بغض النظر عن الظروف المحيطة و معوقات الزمن.

يظل في كل وقت , في كل مكان , فرد قوي خارج عن السياق , بإمكانه الكتابة على صفحة روحك و الرسم على مقلة عينك و أسرك بنغمة أخاذة .

في كل زمان , أينما كان , هناك فنان ما , يدهشك , يخترقك , يعبر عن إنسانيتك و يحترمك , و لأن مجتمعك لا يحترمك كما ينبغي و لأنك أنت نفسك لم تتعلم احترام نفسك أو غيرك كما يجب أن يكون , يظل إبداع الفن , واحتك التي تتلمس فيها لحظة تواصل مع رُقيك.

أما ذلك المجنون المتفرد المنبوذ عن قطيعك , فهو يثير حيرتك و غيرتك و محبتك و يظل بعالمه المنفصل , متعة لحواسك , رجلا كان أم امرأة , من بني قومك أو بينك و بينه محيطات لن تستطيع يوما عبورها!

.............................

اللوحة لأنا و زوجها , رسم كل منها الآخر في مشهد يصورهما في نهاية اليوم , يقيم كل منهما ما رسم الآخر خلال اليوم
paint: Judgment of day's work
Anna & Michael Ancher

2 comments

بنت القمر said...

جميلة ومستفزة وعسولة وفريدة :)

يا مراكبي said...

سبحان الله

كنت بقرأ بوست لمدوِّنة أُخرى زميلة بتتكلم من نفس الموضوع من زاوية الهجوم وكان عندها حق طبعاً في عرضها للموضوع، لكن رأيي أنا في الحقيقية هو إن المرأة نفسها هي طرف في كده نتيجة تنشئتها للرجل زي ما انتي استفضتي في شرح النقطى دي

http://winkywankoka.blogspot.com/2013/03/blog-post.html

Professional Blog Designs by pipdig